وأنث ضمير المثقال لإضافته إلى الحبة، كقولهم: ذهبت بعض أصابعه (١).
وقوله: ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ محل الباء وما عملت فيه الرفع على الفاعلية، وانتصاب ﴿حَاسِبِينَ﴾ إما على الحال، أو على التمييز.
قال أبو إسحاق: ودخلت الباء في ﴿وَكَفَى بِنَا﴾ لأنه في معنى الأمر، المعنى: اكتفوا بالله حسيبًا (٢).
وأنكر أبو علي ذلك، وقال: ليس هذا الكلام خبرًا بمعنى الأمر، بل هو بلفظ الخبر ومعناه، فهو كقوله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ (٣) وقوله: ﴿لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ (٤) وما أشبهه. ولا يدل دخول الباء عليه على أنه بمعنى الأمر، لأنها قد دخلت في قولهم: (أكرم بزيد) على الفاعل، ولا مذهب للأمر فيه، قال: وقد قال أبو الحسن في قوله عز وجل: ﴿جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ (٥) أن معناه: جزاءُ سيئة مثلها، فدخلت الباء في ذلك ولا معنى للأمر فيه.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا﴾ الجمهور على إتيان الواو في قوله: ﴿وَضِيَاءً﴾ وفيه وجهان:
(٢) معاني الزجاج ٣/ ٣٩٤.
(٣) سورة يونس، الآية: ٦١.
(٤) سورة غافر، الآية: ١٦.
(٥) سورة يونس، الآية: ٢٧.