أحدهما: الواو للعطف، على معنى أن التوراة قد جمعت بين كونها فارقة بين الحق والباطل وبين كونها ضياء، أي: نورًا يستضاء به في ظلمة الحيرة. ﴿وَذِكْرًا﴾، أي: وعظة يتعظ بها المتقون.
والثاني: مزيدة، فيكون حالًا من ﴿الْفُرْقَانَ﴾، أي: مضيئًا، أو ذا ضياء، تعضده قراءة من قرأ: (ضياء) بغير العاطف، وهو ابن عباس، وعكرمة، والضحاك (١) - رضي الله عنهم -، وانتصابه على الحال، وعلى الوجه الأول مفعول به عطفًا على الفرقان على التأويل المذكور آنفًا.
وقوله: ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾: الجر على الصفة للمتقين، أو النصب على المدح، أو الرفع على هم الذين. و ﴿بِالْغَيْبِ﴾: في موضع الحال، إما من الفاعل، أو من المنصوب على التعظيم.
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (٥٣) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٥٤) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٥٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ﴾ الرشد: الاهتداء لوجوه الصلاح. ﴿مِنْ قَبْلُ﴾: أي من قبل موسى وهارون. وقيل: من قبل محمد عليهم الصلاة والسلام (٢)، فلما قطع عن الإضافة بني.
وقوله: ﴿إِذْ قَالَ﴾ (إذ) معمول أحد أربعة أشياء: إما ﴿آتَيْنَا﴾، أو

(١) انظر هذه القراءة وأصحابها في إعراب النحاس ٢/ ٣٧٥. ومختصر الشواذ / ٩٢/. والمحتسب ٢/ ٦٤. والكشاف ٣/ ١٣.
(٢) اقتصر المفسرون على الأول. وانظر القول الثاني في روح المعاني ١٧/ ٥٨. واستبعده أبو حيان ٦/ ٣٢٠.


الصفحة التالية
Icon