وقوله: ﴿وَتَاللَّهِ﴾ الجمهور على التاء، وقرئ: (بالله) بالباء (١)، وهي الأصل، والتاء بدل من الواو المبدلة منها، غير أن التاء فيها زيادة معنى، وهو التعجب.
وقوله: ﴿بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾ أي: تولوا عنها، أي: تعرضوا عنها بذهابكم، ﴿مُدْبِرِينَ﴾ نصب على الحال من الضمير في ﴿تُوَلُّوا﴾، وهي حال مؤكدة.
وقوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا﴾ قرئ: بالحركات الثلاث في الجيم (٢). وهي لغات ذكرها أبو الفتح عن أبي حاتم، ثم قال: قال أبو حاتم: وأجودها الضم، كالحطام والرفات. ثم قال أبو الفتح: وكذلك أيضًا روينا عن قطرب جَذَّ الشيءَ يَجُذُّه جَذًا وجُذَاذًا وجِذَاذًا وجَذاذًا، انتهى كلامه (٣).
وعن الفراء: المضموم مصدر، والمكسور جمع جذيذ، وهو فعيل بمعنى مفعول (٤).
وقال غيره: المضموم جمع جُذاذة، كزجاجة وزجاج، وكذا المكسور جمع جَذيذ، وأما المفتوح فمصدر (٥).
قلت: من جعل الجذاذ جمعًا فلا حذف، ومن جعله مصدرًا ففي
(٢) أما الضم والكسر فهما من المتواتر، فقد قرأ الأكثرون (جُذاذًا) بضم الجيم، وقرأ الكسائي وحده: (جِذاذًا) بكسرها. انظر السبعة / ٤٢٩/. والحجة ٥/ ٢٥٧. والمبسوط / ٣٠٢/. وأما (جَذاذًا) بفتح الجيم فهي قراءة أبي نهيك، وأبي السمال، وابن عباس - رضي الله عنهما -. انظر مختصر الشواذ / ٩٢/. والمحتسب ٢/ ٦٤. والمحرر الوجيز ١١/ ١٤٣. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ٣٥٧. إلى أبي رجاء العطاردي، وأيوب السختياني، وعاصم الجحدري.
(٣) المحتسب الموضع السابق.
(٤) هذا مفهوم كلام الفراء ٢/ ٢٠٦. وانظر مثل تخريج المؤلف في حجة ابن خالويه/ ٢٥٠/.
(٥) انظر هذا القول في التبيان ٢/ ٩٢٠ وفيه تصحيف. والبحر ٦/ ٣٢٢. والدر المصون ٨/ ١٧٣.