﴿عَلَى وَجْهِهِ﴾: حال من المستكن في ﴿انْقَلَبَ﴾، أي: عائدًا إلى ما كان عليه من الكفر، أي: متوجهًا إليه على ما فسر (١)، لأن الإعراب تابع للمعنى.
وقوله: ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا﴾ يجوز أن تكون مستأنفة، وأن تكون في موضع الحال وقد معه مرادة، تعضده قراءة من قرأ: (خَاسِرَ الدنيا والآخرةِ) بالنصب (٢)، وهما مجاهد وحميد بن قيس (٣)، جعلاه اسم الفاعل، وهو منصوب على الحال من المنوي في ﴿انْقَلَبَ﴾، أي: انقلب على وجهه خاسرًا. وقد جوز أبو الفتح: أن تكون الجملة التي هي ﴿خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ﴾ على قراءة الجمهور بدلًا من قوله: ﴿انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾، فكأنه قال: وإن أصابته فتنة خسر الدنيا والآخرة (٤).
وقرئ أيضًا: (خاسرُ الدنيا والآخرة) بالرفع (٥)، وفيه وجهان - أحدهما: هو فاعل الفعل الذي هو ﴿انْقَلَبَ﴾، على وضع الظاهر موضع المضمر، والثاني: خبر مبتدإٍ محذوف.
﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾ اختلفت النحاة في
(٢) وبالألف على أنه اسم، و (الآخرةِ) بالخفض. وقد انفرد ابن مهران / ٣٠٥/ بعزوها إلى يعقوب في رواية روح. وانظر النشر ٢/ ٣٢٥.
(٣) انظر قراءتهما أيضًا في معاني الفراء ٢/ ٢١٧. وجامع البيان ١٧/ ١٢٤. ومعاني النحاس ٤/ ٣٨٣ وإعرابه ٢/ ٣٩٢. والمبسوط / ٣٠٥/ ومختصر الشواذ / ٩٤/. والمحتسب ٢/ ٧٥. وقد تقدمت ترجمة مجاهد، وحميد هو الأعرج، مكي ثقة، وقد قرأ على مجاهد.
(٤) المحتسب الموضع السابق.
(٥) ذكرها الزمخشري ٣/ ٢٧. وأبو حيان ٦/ ٣٥٥. والسمين ٨/ ٢٣٨ دون نسبة.