الخبر محذوف تقديره: مفترقون، ونحو ذلك (١).
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ أي: ألم تعلم، والرؤية هنا بمعنى العلم. والاستفهام بمعنى التقرير، وقيل: بمعنى الأمر، أي: أعلم أن الله.
وقوله: ﴿وَالدَّوَابُّ﴾ الجمهور على تشديد الباء وهو الأصل، لأنه من الدبيب، وقرئ: بتخفيفها (٢) على حذف إحدى الباءين وهي الأولى كراهة التضعيف، وله نظائر في كلام القوم، نحو: أحست، يريدون أحسست، وأنشد أبو زيد (٣) في مثله:
٤٥٣ - قَدْ كُنْتُ عِنْدَكَ حَوْلًا لَا تُرَوِّعُني | فِيهِ رَوَائِعُ مِنْ إِنْسٍ وَلَا جَانٍ (٤) |
وقوله: ﴿وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: رفع بالابتداء، و ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ صفة له، والخبر محذوف تقديره: وكثير من الناس حق له الثواب، يدلس عليه قوله: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾، ويقويه أيضًا قوله ابن عباس - رضي الله عنهما -: وكثير من الناس في الجنة (٥).
(٢) قرأها الزهري. انظر المحتسب ٢/ ٧٦. والمحرر الوجيز ١١/ ١٨٦. والبحر ٦/ ٣٥٩. وأضافها الآلوسي ١٧/ ١٣١ لابن وثاب أيضًا.
(٣) في المحتسب كما سوف أخرج: أبو زبيد. لبيت قبله.
(٤) انظره في المحتسب ٢/ ٧٦. وعزاه صاحب اللسان (جنن) إلى عمران بن حطان.
(٥) انظر قوله أيضًا في التفسير الكبير ٢٣/ ١٩. والقرطبي ١٢/ ٢٤ عن ابن الأنباري عنه.