فريقان مختصمان هما المؤمنون والكافرون، وقوله: ﴿هَذَانِ﴾ للفظ، و ﴿اخْتَصَمُوا﴾ للمعنى، وقيل: الخصم هنا جمع خاصم، كركب وصحب في جمع راكب وصاحب (١). ﴿فِي رَبِّهِمْ﴾ أي: في دين ربهم.
وقوله: ﴿يُصَبُّ﴾ يحتمل أن يكون خبرًا بعد خبر للمبتدأ الذي هو ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وأن يكون مستأنفًا، وأن يكون في موضع نصب على الحال من الهاء والميم في ﴿لَهُمْ﴾، ومثله ﴿يُصْهَرُ﴾ في الإعراب في الأوجه الثلاثة، فإن جعلته حالًا، كان ذو الحال ﴿الْحَمِيمُ﴾. ومعنى يصهر: يذاب، يقال: صهرت الشيء فانصهر، أي: أذبته فذاب، فهو صهير، [أي: يذاب بذلك الحميم] (٢)، وأنشد لابن أحمر (٣) يصف فرخ قطاة:

٤٥٤ - تَرْوِي لَقىً أُلْقِيَ في صَفْصَفٍ تَصْهَرُهُ الشَّمْسُ فَمَا يَنْصَهِرْ (٤)
أي: تذيبه الشمس فيصبر على ذلك.
وعن الحسن البصري - رحمه الله -: بتشديد الهاء (٥) للمبالغة والتكثير.
﴿وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ المقامع: السياط، واحدها
(١) لم أجد هذا القول.
(٢) ساقط من (أ) و (ب).
(٣) هو أبو الخطاب عمرو بن أحمر الباهلي، شاعر فصيح، أدرك الإسلام فأسلم، وغزا مغازي الروم. توفي في عهد عثمان - رضي الله عنه -. (معجم المرزباني).
(٤) من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٤٨. وانظره في جامع البيان ١٧/ ١٣٤. والنكت والعيون ٤/ ١٤. والمحرر الوجيز ١١/ ١٨٨. والقرطبي ١٢/ ٢٧. والمعجمات: مقاييس اللغة ٥/ ٢٦١. والصحاح واللسان (صهر).
(٥) يعني أنه قرأ: (يُصَهَّرُ). وانظر قراءته - رحمه الله - في مختصر الشواذ / ٩٤/. والكشاف ٣/ ٢٩. والبحر المحيط ٦/ ٣٦٠. والإتحاف ٢/ ٢٧٢.


الصفحة التالية
Icon