من تحريم الصيد في حال الإحرام، من قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ (١).
وقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ (من) هنا لبيان الجنس، لأن الرجس مبهم يتناول غير شيء، كأنه قيل: فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، أي: فابعدوا عن عبادتها وكونوا على جانب منها، والرجس: القذر، وقيل: الرجس العذاب (٢)، والمراد سبب الرجس، أي: فاجتنبوا سبب العذاب من عبادة الأوثان.
﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ أي: واتركوا قول الكذب. قيل: والزُّور من الزوَرِ والازورارِ وهو الانحراف (٣). وفي الحديث: "إِيَّاكُم والزُّور فَإنَّ اللهَ تعالى جَعَلَهُ عَدِيلًا للشِّرْكِ" (٤). وجمع بينهما في النهي عنهما.
﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ﴾ حال من الضمير في ﴿فَاجْتَنِبُوا﴾. وكذلك ﴿غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾. والحنيف: المائل عن الباطل إلى الحق، وقد مضى الكلام عليه في سورة البقرة بأشبع من هذا (٥).
(٢) انظر معالم التنزيل ٣/ ٢٨٦. والقرطبي ١٢/ ٥٤.
(٣) قاله الزمخشري ٣/ ٣١.
(٤) حكاه بالمعنى. ونصه: "عُدلت شهادة الزور بالشرك بالله". أخرجه الإمام أحمد ٤/ ٣٢١ والترمذي (٢٣٠١) وأبو داود (٣٥٩٩). وابن ماجه (٢٣٧٢). وأخرجه الطبري ١٧/ ١٥٤ من عدة روايات.
(٥) انظر إعرابه للآية (١٣٥) منها.