وقوله: ﴿فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ﴾ فيه وجهان: أحدهما بمعنى يخر، لأجل عطف قوله: ﴿فَتَخْطَفُهُ﴾ عليه. والثاني هو على بابه والتقدير: فهو تخطفه، فيكون عطف جملة على جملة (١).
وقرئ: (فَتِخِطِّفُه) بكسر التاء والخاء مع تشديد الطاء مكسورة (٢)، وقد أوضحت جميع ذلك في أول "البقرة" فأغنى عن الإعادة هنا (٣). والخطف: الاستلاب بسرعة (٤). والسحيق: البعيد.
وقوله: ﴿ذَلِكَ﴾ أي: الأمر ذلك، أو اتقوا ذلك، فيكون في موضع نصب.
وقوله: ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ الجمهور على جر ﴿الْقُلُوبِ﴾ بالإضافة، وروي برفع (القلوبُ) (٥)، على أن يكون مرتفعًا بـ ﴿تَقْوَى﴾ على تقدير التنوين فيه، لأن التقوى مصدر، والمصدر يعمل عمل الفعل.
واختلف في الضمير الذي في قوله: ﴿فَإِنَّهَا﴾، فقيل: هو ضمير الشعائر، وفي الكلام حذف مضافات، والتقدير: فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب، فحذفت هذه المضافات، ولا يستقيم المعنى إلا بتقديرها، لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى (من) ليرتبط به (٦). والثاني: هو ضمير الفعلة والخصلة (٧)، وحذف المضاف لأجل الراجع على ما ذكر وقدر آنفًا.

(١) الوجهان عند أبي البقاء ٢/ ٩٤١ أيضًا.
(٢) هذه قراءة الحسن كما في معاني الزجاج ٣/ ٤٢٥. وإعراب النحاس ٢/ ٤٠٠ والكشاف ٣/ ٣٢.
(٣) انظر إعرابه للآية (٢٠) منها.
(٤) في (أ) و (ب) بالسرعة.
(٥) كذا أيضًا حكاها ابن عطية ١١/ ١٩٩. وصاحب البيان ٢/ ١٧٥. والقرطبي ١٢/ ٥٦. دون نسبة.
(٦) انظر الكشاف ٣/ ٣٣.
(٧) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٢٥. ومعاني النحاس ٤/ ٤٠٨.


الصفحة التالية
Icon