وقوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ الضمير في ﴿فِيهَا﴾ للهدايا (١)، أي: لكم في الهدايا منافع في دنياكم، وهي ركوبها عند الحاجة، وشرب ألبانها عند الاضطرار، وهذا عند بعضهم (٢)، ومنهم من جعل الانتفاع بها غير مشروط بحاجة (٣).
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ قرئ: (منسَكًا) بفتح السين وكسرها (٤)، أما الفتح فهو ظاهر، وهو الوجه في المصدر والمكان، لأن فعله نَسَكَ يَنْسُكُ، والمصدر والمكان كلاهما منه على مَفْعَل بالفتح، نحو: قَتَلَ يَقْتُلُ مَقْتَلًا في المصدر، وهذا مَقْتَلُنا في المكان، وأما الكسر فهو مما شذ من فعل يفعل نحو: المَطْلِعُ والمَسْجِدُ (٥).
وقوله: ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ أي المتواضعين المطمئنين، من الخَبْتِ وهو المطمئن من الأرض (٦).
(٢) هذا قول عطاء كما في جامع البيان ١٧/ ١٥٨.
(٣) وهذا قول عروة، كما في معاني النحاس ٤/ ٤٠٨. وانظر معاني الزجاج ٣/ ٤٢٦.
(٤) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (منسِكًا) بكسر السين. وقرأ الباقون بفتحها. انظر السبعة / ٤٣٦/. والحجة ٥/ ٢٧٧ - ٢٧٨. والمبسوط / ٢٠٧/.
(٥) كذا هذا التعليل في الحجة الموضع السابق أيضًا.
(٦) كذا في معاني النحاس ٤/ ٤١٠. والصحاح (خبت). وكون معنى المخبتين: المتواضعين، هو قول قتادة. وكون معناه: المطمئنين، هو قول مجاهد. انظر جامع البيان ١٧/ ١٦١. والنكت والعيون ٤/ ٢٥.