وقوله: ﴿فَتُصْبِحُ﴾ بمعنى أصبحت، وهي عطف عليه، قيل: وإنما صُرف إلى لفظ المضارع لنكتة فيه، وهي: إفادة بقاء أثر المطر زمانًا بعد زمان، كما تقول: أنعم عليّ فلان عام كذا، فأروح وأغدو شاكرًا له، ولو قلت: فرحت وغدوت، لم يقع ذلك الموقع (١).
ويجوز أن يكون على بابه وأن يكون ارتفاعه على إضمار مبتدأ تقديره: فهي تصبح، وهي ضمير القصة، فيكون عطف جملة على جملة، وكل واحد منهما على بابه، أعني: ﴿أَنْزَلَ﴾ و ﴿فَتُصْبِحُ﴾.
والجمهور على ضم الميم وتشديد الراء في قوله: ﴿مُخْضَرَّةً﴾ وهي اسم فاعل وفعله: اخضرت، وانتصابه على خبر (تصبح)، وقيل: على الحال (٢)، وليس بشيء؛ لأن المراد من الاخضرار الدوام.
وقرئ: (مَخضرَة) بفتح الميم وتخفيف الراء (٣)، أي ذاتُ خُضْرٍ، كمَبقلة ومَسبعة، أي: ذات بقل وذات سباع. وقال أبو إسحاق: ولا يجوز (مَخضرّة) بفتح الميم وتشديد الراء، لأن مفْعَلَّة ليس في الكلام ولا معنى له (٤).
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (٦٦)﴾:
(٢) اقتصر عليه العكبري ٢/ ٩٤٧. وهذا يعني أن (أصبح) عنده تامة.
(٣) كذا حكاها الزجاج ٣/ ٤٣٦. والنحاس ٤/ ٤٣٠. والزمخشري ٣/ ٣٨. وأبو البقاء ٢/ ٩٤٧. وأبو حيان ٦/ ٣٨٧. والسمين الحلبي ٨/ ٣٠٢. ولم ينسبها أحد.
(٤) معانيه الموضع السابق.