قوله عز وجل: ﴿وَالْفُلْكَ تَجْرِي﴾ الجمهور على نصب (الفلك) إما عطفًا على ﴿مَا﴾، أي: وسخر لكم الفلك، أو على اسم ﴿أَنَّ﴾. ومحل ﴿تَجْرِي﴾: على الوجه الأول النصب على الحال من (الفُلكَ)، أي: جارية، وعلى الوجه الثاني: الرفع بالخبر.
وقرئ: (والفُلْكُ) بالرفع (١) على الابتداء، والخبر ﴿تَجْرِي﴾، والفلك: يكون واحدًا وجمعًا وهو هنا جمع.
وقوله: ﴿أَنْ تَقَعَ﴾ مفعول له، أي: كراهة أن تقع، أو لئلا تقع. وقيل: (يُمسِكُ) بمعنى يحبس و ﴿أَنْ﴾ في موضع جر، أي: يحبسها عن أو من أن تقع. وقيل: في موضع نصب على البدل من السماء وهو بدل الاشتمال، أي: ويمسك السماء وقوعها، أي: يمنع وقوعها (٢).
﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ﴾ نَهْيٌ مؤكد بالنون الشديدة، والمعنى: لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك، فلفظ النهي لهم في الظاهر والمراد به نهيه - عليه السلام - عن تمكينهم من المنازعة، ونظيره: لا أرينك ها هنا، والمعنى: لا تكن هنا فأراك، فالنهي في اللفظ لنفسه، ومحصول معناه للمخاطب، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب.
وقال أبو إسحاق: هو نهي له - ﷺ - عن منازعتهم، والمعنى لا تنازعهم أنت، كما تقول: لا يخاصمنك فلان، أي: لا تخاصمه، ثم قال: وهذا
(٢) انظر هذه الأوجه مجتمعة في التبيان ٢/ ٩٤٨ أيضًا.