جائز فيما يكون بين اثنين، ولا يجوز لا يضربنك فلان، وأنت تريد لا تضربْه، وذلك لأن المفاعلة لا تكون إلا بين اثنين، فإذا ترك أحدهما ترك الآخر (١).
وقرئ: (فَلَا يَنْزِعُنَّكَ) بفتح الياء وإسكان النون وكسر الزاء (٢). قال أبو الفتح: ظاهر هذا فلَا يستخفنك عن دينك إلى أديانهم، فيكون بصورة المنزوع عن شيء إلى غيره (٣). وأصل النزع: القلع، يقال: نزعت الشيء من مكانه أنزعه نزعًا، أي: قلعته، ومنه قولهم: فلان في النزع، أي: في قلع الحياة، والمعنى: اثبت في دينك ثباتًا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه.
﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ﴾ الاستفهام بمعنى التقرير، والمعنى: علمت ذلك.
وقوله: ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ حال من الآيات، أي: واضحات في الشرائع والأحكام.

(١) انظر معاني أبي إسحاق الزجاج ٣/ ٤٣٧.
(٢) كذا (زاء) بالهمزة في الأصل والمطبوع. قال الجوهري (زوا): الزاي حرف لا يكتب إلا بياء بعد الألف. وحكى ابن منظور (زوي) عن الليث: الزاي والزاء لغتان. وتنسب هذه القراءة إلى أبي مجلز لاحق بن حميد السدوسي. انظر معاني النحاس ٤/ ٤٣١. ومختصر الشواذ / ٩٦/. والمحتسب ٢/ ٨٥. والقرطبي ١٢/ ٩٤.
(٣) المحتسب الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon