وقرئ: (ما تُنَزَّلُ) بضم التاء على البناء للمفعول، من نُزِّلَ، (والملائكةُ) رفع به على الفاعلية (١). وقرئ: (ما تُنَزِّلُ الملائكةَ) بالنون ونصب (الملائكةَ) به على المفعولية (٢).
وقوله: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: من صلة محذوف، فيكون في موضع نصب على الحال من الملائكة، أي: ملتبسين بالحكمة والمصلحة.
والثاني: من صلة (تَنَزَّلُ)، فالباء على هذا تكون بمعنى الاستعانة، كالتي في قول القائل: بتوفيق الله حججت.
وقيل: الحق: العذاب، وقيل: الوحي (٣).
وقوله: ﴿وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ﴾ (إذًا) جواب وجزاء، لأنه جواب لهم، وجزاء لشرط مقدر تقديره: ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين، أي: مؤخرين، يقال: أنظرته، إذا أخرته وأمهلته.
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ محل (نحن) النصب على التأكيد لاسم (إن) أو الرفع على الابتداء، ولا يجوز أن يكون هنا فصلًا كما زعم بعضهم (٤) لأن من شرط الفصل أن يكون بين اسمين، أو بين اسم وفعل مضارع، وأما بين اسم وفعل ماض فلا أعرف في ذلك خلافًا بين النحاة، وقالوا: إنما جوزنا مع المضارع دون الماضي، لأن المضارع مشابه للاسم، والألف واللام من صفات الاسم وخصائصه، فجاز تقديرها مع المضارع لما
(٢) قرأها حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف. انظر هذه القراءات الصحيحة في السبعة / ٣٦٦/. والحجة ٥/ ٤٢. والمبسوط / ٢٥٩/.
(٣) كذا حكى الزمخشري ٢/ ٣١٠ - ٣١١، وقيل غير ذلك. انظر النكت والعيون ٣/ ١٤٩. وزاد المسير ٤/ ٣٨٤.
(٤) جوزه النحاس في إعرابه، ٢/ ١٩١. وما أدري أهو سهو أم لا؟