بينه وبين الاسم من الامتزاج، ولم نجوز مع الماضي؛ لأن الماضي لم ينل هذه المشابهة، فلم يجز تقديرها معه.
ومعنى قولهم هذا وتحقيقه: أن الفعل المضارع لما كان ممتزجًا بالاسم على ما ثبت حتى استحق بذلك الإعراب، جاز أن يقال: إنه في تقدير اسم دخله الألف واللام، ولم يجز ذلك في الماضي، لأنه إذا لم يكن مشابهًا للاسم كان تقدير ما هو من صفات الاسم وخصائصه فيه وضعًا للشيء في غير موضعه، فاعرفه، فإنه من الأصول (١).
وقوله: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ الضمير في (له) لِلذِّكْرِ. وقيل: لرسول الله - ﷺ - (٢)، كقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ﴾ (٣).
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١١) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ﴾ أي: في فرقهم، والشيع: جمع شيعة، وهي الفرقة الأتباعُ، يقال: شاعه، إذا تبعه.
وقوله: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ﴾ حكاية حال ماضية، لأن (ما) لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال (٤).

(١) اتفق النحاة على أن لضمير الفصل ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون من ضمائر الرفع المنفصلة.
والثاني: أن يكون واقعًا بين المبتدأ والخبر أو ما هو داخل على المبتدأ والخبر من الأفعال والحروف.
والثالث: أن يكون بين معرفتين أو ما قاربهما. وخالف الجرجاني فالحق الفعل المضارع بالاسم لتشابههما كما حكى المؤلف. وانظر المغني ٦٤١ - ٦٤٢.
(٢) القولان في معاني الفراء ٢/ ٨٥. وجامع البيان ١٤/ ٧ - ٨. والنكت والعيون ٣/ ١٤٩. ومعالم التنزيل ٣/ ٤٤. والكشاف ٢/ ٣١١.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٦٧. وبعدها: ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾.
(٤) كذا نص الزمخشري في الكشاف ٢/ ٣١١.


الصفحة التالية
Icon