وقوله: ﴿إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ جملة واقعة صفة لـ ﴿رَسُولٍ﴾، اما على اللفظ أو على الموضع، أو حالًا من الهاء والميم في ﴿يَأْتِيَهُمُ﴾، وهي حال مقدرة.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ﴾ محل الكاف النصب على النعت لمصدر محذوف، أي: سَلْكًا مثل ذلك السَّلْكِ، والمعنى: كما سَلكنا الكفر والتكذيب والاستهزاء بالرسل في قلوب شيع الأمم الأولين، كذلك نسلكه، أي: نُدْخِلُه، يقال: سلكت الشيء في الشيء أسْلُكُهُ سَلْكًا، وأسلكتُه إسلاكًا، إذا أدخلته فيه.
وبضم النون قرأ هنا بعض القراء: (نُسْلِكُهُ) (١).
واختلف في الضمير في قوله: (نَسلكه) فقيل: للكفر والاستهزاء. وقيل: للذِّكْر، على معنى: أنه نلقيه في قلوبهم مُكَذَّبًا مُسْتَهْزأً به غير مقبول (٢).
﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ في موضع الحال، أي: غير مؤمنين به، أو تاركين الإيمان به، والضمير في ﴿بِهِ﴾ للذكر، وقيل: (لله)، وقيل: لِلرَّسُولِ، وقيل: للعذاب. وقيل: للاستهزاء على معنى: بسبب الاستهزاء، فحذف المضاف (٣).
(٢) اقتصر الطبري، والزجاج، وأكثر المفسرين على القول الأول، ولم يذكر الزمخشري ٢/ ٣١١ إلا الثاني، وانظر القولين في معاني النحاس ٤/ ١٢. والنكت والعيون ٣/ ١٥٠. والمحرر الوجيز ١٠/ ١١٣.
(٣) انظر المحرر الوجيز ١٠/ ١١٣. وزاد المسير ٤/ ٣٨٥. والتبيان ٢/ ٧٧٧ - ٧٧٨. والنسفي ٢/ ١٨٠.