وقوله: ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ أي: مضت طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم وبالذكر المنزل عليهم.
وقوله: ﴿فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ يقال: ظل فلان يفعل كذا، إذا فعله طول نهاره، والضمير في ﴿فَظَلُّوا﴾ للمشركين (١)، أو للملائكة (٢)، وفي ﴿فِيهِ﴾ للباب. و ﴿يَعْرُجُونَ﴾: خبر (ظل)، ومعناه: يصعدون.
وهذيل تكسر الراء من (يعرِجون) وبه قرأ بعض القراء هنا (٣).
﴿لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿سُكِّرَتْ﴾ قرئ: بالتشديد والضم على البناء للمفعول (٤)، على معنى: سُدَّتْ أبصارنا بالسحر، من سَكَرْتُ النهر أسْكُرُهُ سَكْرًا إذا سددته، فكأن الأبصار مُنِعَتْ من النظر كما يُمنع الماء من الجري.
وقيل: هو من سُكْرِ الشراب. يقال: سَكِرَ يَسْكَرُ سَكَرًا، والاسم السُّكْرُ بالضم، كأن العين لحقها كما يلحق السكران من الشرب.
والتشديد فيه للتكثير لا لِتَعَدِّيه كما زعم بعضهم (٥) بشهادة قراءة من قرأ: (سُكِرَتْ) بالتخفيف مع الضم، وهو ابن كثير (٦).
وقرئ: (سَكِرَتْ)، بفتح السين، وكسر الكاف مع التخفيف على البناء
(٢) وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، والضحاك. وانظر القولين في جامع البيان ١٤/ ١٠ - ١١ والنكت والعيون ٣/ ١٥١. وزاد المسير ٤/ ٣٨٦.
(٣) قرأه كذلك ابن أبي الزناد، والأعمش، وعيسى، وأبو حيوة، والمطوعي. انظر مختصر الشواذ/ ٧٠/. والمحرر الوجيز ١٠/ ١١٤. والإتحاف ٢/ ١٧٤. وانظر لغة هذيل في إعراب النحاس ٢/ ١٩٢.
(٤) هذه قراءة الجمهور غير ابن كثير كما سيأتي.
(٥) انظر المحرر الوجيز ١٠/ ١١٥.
(٦) انظر قراءته وقراءة الباقين في السبعة/ ٣٦٦/. والحجة ٥/ ٤٣. والمبسوط ٢٥٩ - ٢٦٠.