زيد فاضربه، أي: اضربه. والثاني: ليست بصلة، وإنما دخلت لكون الألف واللام بمعنى (الذي)، والفاء تدخل في خبر (الذي) لتضمينه معنى الشرط، كأنه قيل: التي زنت والذي زنى فاجلدوهما.
وقرئ: (الزَّانيةَ والزاني) بالنصب (١) على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر وهو (فاجلدوا).
قيل: وإنما قدمت الزانية على الزاني، لأن شهوتها أغلب، وحرصها على الفعل أكثر من حرص المذكر، فكانت البداية بذكرها أهمّ، وهو مذهب القوم يقدمون الذي بيانه أهم لهم، وهم ببيانه أَعْنَى، وله نظائر في كلامهم لا يليق ذكرها هنا، والجَلْدُ: الضرب على الجِلد، يقال: جلده، إذا ضرب جلده، كما تقول: رَأَسَهُ وجَنَبَهُ، إذا ضرب رأْسه وجَنْبه.
وانتصاب قوله: ﴿مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ على المصدر، لكونها مضافة إليه، ومثلها ﴿ثَمَانِينَ﴾ (٢) لكون المميز مصدرًا.
وقوله: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ﴾ الباء من صلة قوله: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ﴾ لا من صلة ﴿رَأْفَةٌ﴾، لأن ما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه، وكذا ﴿فِي دِينِ اللَّهِ﴾ من صلته أيضًا.
وقرئ: (رأفة) بسكون الهمزة، وقلبها ألفًا، وفتحها مع إتيان ألف بعدها (٣)، وكُلٌّ عربي بمعنى، وهي الرحمة. نهى جل ذكره عن رحمتهما،
(٢) من الآية (٤) الآتية.
(٣) فيكون فيها أربع قراءات، قراءة الأكثرين: (رأْفة) بتسكين الهمزة. وقراءة ابن كثير: (رأَفة) بفتحها. وقراءة أبي عمرو، وأبي جعفر، والأعشى عن أبي بكر: (رافة) بقلب الهمزة إلى ألف. وقراءة ابن كثير من رواية شنبوذ، وابن جريج، ومجاهد: (رآفة) بألف بعد الهمزة. انظر هذه القراءات في السبعة / ٤٥٢/. والحجة ٥/ ٣١٠. والمبسوط / ٣١٦/. والتذكرة ٢/ ٤٥٧. والنشر ٢/ ٣٣٠.