لأن رحمتهما قد تؤدي إلى تضييع الحد وترك إقامته عليهما.
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ إما الرفع بالابتداء، أو النصب على إضمار فعل دل عليه ﴿فَاجْلِدُوا﴾، أي: اجلدوا الذين يرمون المحصنات، وخبر الابتداء على ما ذُكر وقُدر في قوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ (١).
وقوله: ﴿بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ الجمهور على الإضافة، لأن الشهداء وإن كان صفة في الأصل فقد استعمل استعمال الاسم الصريح في الكلام، فجرى مجراه [فأضيف] إليه، وقرئ: (بأربعةٍ شهداءَ) بالتنوين (٢)، على جعل الشهداء صفة لأربعة، لأن أسماء العدد من الثلاثة إلى العشرة لا تضاف إلى الأوصاف إلا على حد إقامة الصفة مقام الموصوف، فكأنه جعله وصفًا لأربعة، لذلك أُوَّل إما على اللفظ وإما على المحل، على تضمين الإتيان معنى الإحضار، كأنه قيل: لم يحضروا أربعة شهداء.
وقوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ﴾ أي: فاجلدوا كل واحد منهم، ثم حذف للعلم به.
وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ محل الجملة النصب على الحال من الضمير في ﴿لَهُمْ﴾.
وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ إما الجر على البدل من الضمير

(١) من الآية (٢).
(٢) قرأها أبو زرعة بن عمرو بن جرير، وعبد الله بن مسلم. انظر إعراب النحاس ٢/ ٤٣٢. ومختصر الشواذ / ١٠٠/. والمحتسب ٢/ ١٠١. والمحرر الوجيز ١١/ ٢٧١.


الصفحة التالية
Icon