الْكَاذِبِينَ} محل ﴿أَنْ تَشْهَدَ﴾ الرفع بـ (يدرؤا) على الفاعلية، أي: ويدفع عنها الحد شهادتها أربع مرات، و ﴿بِاللَّهِ﴾ و ﴿إِنَّهُ﴾ معمولا ﴿أَنْ تَشْهَدَ﴾ أو ﴿شَهَادَاتٍ﴾ على ما ذكر قبيل.
وقوله: ﴿وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ قرئ: (والخامسةُ) بالرفع، ورفعها بالابتداء وخبره ﴿أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾، وبالنصب (١)، ونصبها من جهتين: إما بالعطف على ﴿أَرْبَعَ﴾ في قوله: ﴿أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ﴾، أو بإضمار فعل على معنى: وتشهد الشهادة الخامسة بأن غضب الله عليها.
وقرئ: (أنَّ) بالتشديد ونصب ما بعدها، و (أنْ) بالتخفيف، على أنها مخففة من الثقيلة واسمها محذوف وهو ضمير الشأن والأمر على ما شرح وقدر آنفًا، و (غَضِبَ اللهُ) (٢) على أنه فعل ماض ومعناه الدعاء، كقوله: ﴿نُودِيَ أَنْ بُورِكَ﴾ (٣)، ولذلك جاز وقوعه بعد (أن) الخفيفة من غير أن يفصل بينهما بشيء من الأحرف الأربعة المشهورة وهي: قد، والسين، وسوف، وحرف النفي، نحو: علمت أن قد قام زيد، ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا﴾ (٤)، ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى﴾ (٥). وقرئ أيضًا: (أَنْ غَضَبُ اللهِ) بتخفيف (أن) ورفع ما بعدها (٦)، ووجهها ظاهر، ولا يجوز أن تكون (أن) على قراءة من قرأ (غَضِبَ) وهو نافع (٧) الناصبة للفعل، لأنها قد وقعت بعد الشهادة، وهي

(١) الجمهور على الرفع غير عاصم في رواية حفص فقد قرأ بالنصب. انظر السبعة / ٤٥٣/. والحجة ٥/ ٣١١. والمبسوط / ٣١٧/.
(٢) الجمهور على تشديد (أن) ونصب ما بعدها. وقرأ نافع وحده بتخفيف (أن) وما بعدها فعل ماض. انظر السبعة / ٤٥٣/. والحجة ٥/ ٣١٤/. والمبسوط / ٣١٧. والتذكرة ٢/ ٤٥٩.
(٣) سورة النمل، الآية: ٨.
(٤) سورة طه، الآية: ٨٩.
(٥) سورة المزمل، الآية: ٢٠.
(٦) هذه قراءة يعقوب وحده. انظر المبسوط / ٣١٧/. والتذكرة ٢/ ٤٥٩. والنشر ٢/ ٣٣٠.
(٧) تقدم تخريج قراءته قبل قليل.


الصفحة التالية
Icon