وقرئ: (بقيعاة) بألف بعد العين وتاء مدورة (١)، وفيها وجهان، أحدهما: أن الألف ناشئة من فتحة العين حين أشبعت. والثاني: أنها مثل قولهم: رجل عِزْهٌ وعِزْهَاةُ، للذي لا يقرب النساء واللهو، فهذا فِعْل وفِعْلَاة بمعنى، وتلك فِعْلَةٌ وفِعْلاة بمعنى، ولا فرق بينهما غير تاء مدورة، وذه مما لا يُعبأ به.
وقرئ أيضًا: (بقيعات) بتاء ممدودة (٢)، وهي جمع قيعة كديمات وقيمات، في ديمة وقيمة.
وقوله: ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً﴾ محل الجملة جر على أنها صفة لسراب، أي: يخال العطشان ذلك السراب ماء، وخص الظمآن [بالذكر] لشدة حاجته إلى الماء.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ الضمير المستكن في ﴿جَاءَهُ﴾ للمضروب به المثل ﴿الظَّمْآنُ﴾، وفي البارز وجهان، أحدهما: لما حسب أنه ماء. والثاني: [المكان الذي] فيه السراب. فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: ﴿شَيْئًا﴾ على الوجه الأول: مفعول ثانٍ لقوله: ﴿لَمْ يَجِدْهُ﴾، أي حتى إذا جاء إلى ما حسب أنه ماء لم يجده شيئًا مما حسبه. وعلى الثاني: منصوب على المصدر، أي حتى إذا جاء المكان الذي فيه السراب، لم يجد ذلك المكان الموصوف وجودًا، فـ ﴿شَيْئًا﴾ هنا واقع موقع وجودًا ووجدانًا، وكلاهما مصدر وَجَدَ الضالةَ وجودًا ووجدانًا، إذا أصابها، ونحوه قوله:
٤٧٥ - فعاديت شيئًا.... | .......... (٣) |
(٢) قرأها مسلمة بن محارب أيضًا. انظر مختصر الشواذ / ١٠٢/. والمحتسب الموضع السابق. والمحرر الوجيز ١١/ ٣١٢. ونسبها ابن الجوزي في زاد المسير ٦/ ٤٩ إلى أُبي بن كعب - رضي الله عنه -، وعاصم الجحدري، وابن السميفع.
(٣) شاهد شعري لأبي خراش الهذلي، وتمامه:
فعاديت شيئًا والدريس كأنه | يزعزعه وِرْدٌ مِن المُومِ مُرْدِمُ = |