أي: تعاديت تعاديًا (١)، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
وقوله: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ أي: ووجد جزاء الله عنده، فحذف المضاف.
وقوله: ﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ أي: آتاه جزاء عمله وافيًا تامًا، وهذا تمام المِثْل. ثم مَثَّلَهُ بشيء آخر فقال جل ذكره:
﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ﴾: محل الكاف الرفع لكونها عطفًا على الكاف في ﴿كَسَرَابٍ﴾، وقد ذكرت قبيل أن ﴿كَسَرَابٍ﴾ خبر المبتدأ الذي هو ﴿أَعْمَالُهُمْ﴾، أو هي ﴿كَظُلُمَاتٍ﴾، فيحسن الوقف على هذا على ﴿سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾، و ﴿أَوْ﴾ للتخيير، أو للإباحة على ما أوضحت في سورة البقرة عند قوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾ (٣).
واختُلِف في حذف المضاف، فقال قوم: في الكلام حذف مضاف تقديره: أو كأعمال ذي ظلمات، بشهادة قوله: ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾، لأنه لا بد لهذا الضمير الذي أضيفت إليه ﴿يَدَهُ﴾ من شيء يعود إليه، وليس هنا شيء يعود إليه سواه، فلهذا قدر حذف (ذي). وأما تقدير (أعمالهم) فَلِيَصِحّ تشبيه أعمال الكفار بأعمال صاحب الظلمة، إذ لا معنى لتشبيه العمل بصاحب الظلمات، ومعنى صاحب ظلمات: أنه في ظلمات.
وقال آخرون: لا حذف فيه، وإنما شبه سبحانه أعمالهم بالظلمة؛
(١) في المقتصد: (فعاديت عداء).
(٢) انظر إعرابه للآية (٤٨) من البقرة، والآية (١٠) و (١٢٠) من آل عمران.
(٣) آية (١٩) منها.