لكونها تحول بين القلب وبين ما ينتفع به صاحبه، وأجابوا عن الضمير المذكور بأنه يعود إلى مضمر، أُضمر لدلالة المعنى عليه، والتقدير: إذا أخرج مَن فيها يده (١).
﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ صفة للمضاف المحذوف على الوجه الأول، وللظلمات في الثاني. و ﴿لُجِّيٍّ﴾ صفة لـ ﴿بَحْرٍ﴾. واللجي: العميق الكثير الماء، منسوب إلى اللج، وهو معظم ماء البحر، يقال لُجُّ الماء ولُجَّتُهُ، أي: معظمه. ﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ﴾ صفة أخرى لبحر، والضمير لصاحب الظلمات أو للبحر، أي: يغطيه.
وقوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ صفة لموج، وارتفاع قوله: ﴿مَوْجٌ﴾ بالظرف على المذهبين؛ لكونه جرى وصفًا على الموصوف وهو موج الأول، يعني: فوق ذلك الموج موج آخر، وقيل: الموج الثاني: الريح.
وقوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾ صفة لموج الثاني، و ﴿سَحَابٌ﴾ مرتفع بالظرف أيضًا على المذهبين لما ذكر آنفًا، أي: من فوق الموج الثاني سحاب قد غطى النجوم التي يُهتدى بها.
وقوله: ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه أو هي ظلمات. وقرئ: (سحابُ ظلماتٍ) بالإضافة والجر (٢)، على وجه الكشف والبيان، كما تقول: سحاب رحمةٍ وسحاب مطرٍ، إذا ارتفع في وقت الرحمة والمطر.
(٢) قراءة صحيحة لابن كثير في رواية البزي، انظر السبعة / ٤٥٧/. والحجة ٥/ ٣٢٩. والمبسوط / ٣١٩/. والتذكرة ٢/ ٤٦١.