وقوله: ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾ أي: فجعلناه لكم سقيًا، ومكناكم منه (١)، وقد مضى الكلام على السقي والإسقاء فيما سلف من الكتاب (٢).
﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي﴾ (نحن) هنا لا يجوز أن يكون توكيدًا لاسم (إِنَّ) لأجل دخول اللام عليه، بل يجوز أن يكون مبتدأً، وأن يكون فصلًا، ودخول اللام على الفصل جائز نص على ذلك جماعة من أكابر النحاة، لأن الفصل إنما جيء به ليؤذن بأنَّ ما بعده خبر، ودخول اللام عليه أقوى في المعنى الذي دخل لأجله، وذلك أنه دخل لتقرير الخبر، فدخل عليه ما يدخل على الخبر، ومنع بعضهم ذلك (٣)، وليس بشيء، لأنه لو لم يكن فصلًا مع اللام لما قيل: إن كانَ زيدٌ لهوَ الظريفَ بالنصب، وقد قال صاحب الكتابَ: إن كان زيدٌ لهو الظريفَ، وإنْ كُنَا لَنَحْنُ الصالحينَ، فالعرب تنصب هذا والنحويون أجمعون (٤).

٣٨٠ - إِذا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُواهَا فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالتْ حَذَامِ (٥)
وأما إتيانُ الفعل بعده فليس بمانع أيضًا، لأنه مضارع، ووقوعُ الفصل بين الاسم والفعل المضارع جائز بخلاف الماضي، وقد ذكر قبيل في السورة (٦).
﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦)﴾:
(١) العبارة الأولى من البغوي ٣/ ٤٨. والثانية من الماوردي ٣/ ١٥٥.
(٢) انظر إعرابه للآية (٧١) من البقرة.
(٣) هو العكبري ٢/ ٧٨٠ قال: لأن بعدها فعلًا، ولدخول اللام.
(٤) كتاب سيبويه ٢/ ٣٩٠ - ٣٩١.
(٥) تقدم هذا الشاهد الذي يراد به التصديق، انظر رقم (١٩١).
(٦) عند إعراب ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ....﴾ [٩]. وانظر تعليقنا.


الصفحة التالية
Icon