قوله عز وجل: ﴿مِنْكُمْ﴾ في موضع الحال من، المستقدمين أي: كائنين منكم.
وقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ﴾ الصلصال: الطين الحُرُّ اليابس الذي يصلصل وهو غير مطبوخٌ من يُبْسِه، أي: يصوّت، يقال: صل الحديد وصلصل، إذا صَوَّتَ، فإذا طُبخَ بالنار فهو الفَخَّارُ، عن أبي عبيدة وغيره (١).
وقيل: الصلصال: المُنْتِنُ (٢)، من قولِهم: صَلَّ اللحم يَصِلّ بالكسر صُلُولًا، إذا أنتن، مطبوخًا كان أو نيئًا (٣)، فأصله على هذا صلال، فقلبت إحدى اللامين صادًا.
وقوله: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ في موضع الصفة لصلصال، أي: من صلصال كائن من حمإ مسنونٍ، أو بدل منه بإعادة الجارِ.
والحَمَأُ: جمع حَمَأة (٤)، وهي الطين الذي يطول جريان الماء عليه، فَيَسْوَدّ ويتغير ريحه.
والمسنون في قول صاحب الكتاب: المصوَّرُ على صورةٍ ومثال، يقال سَنَنْتُهُ أَسُنُّهُ سَنًّا، إذا صورته، ومنه سُنَّةُ الوجه، وهي صورته (٥).
وقيل: المسنُونُ: المُتَغَيِّرُ المُنْتِنُ (٦).

(١) انظر مجاز القرآن ١/ ٣٥٠. وحكاه عنه النحاس في معانيه ٤/ ٢٣. والجوهري في صحاحه (صلل).
(٢) أخرجه الطبري ١٤/ ٢٨ عن مجاهد. وعزاه النحاس ٤/ ٢٤ إلى الكسائي.
(٣) كذا في الصحاح الموضع السابق.
(٤) نقل القرطبي ١٠/ ٢١. والسمين الحلبي ٧/ ١٥٦ عن أبي عبيدة أنها بسكون الميم، وكذك ضبطت في المجاز. بينما حكى ابن منظور (حمأ) عنه أنها بتحريك الميم، قال: كقصبة واحدة القصب.
(٥) حكى الجوهري (سنن) هذا كله دون أن يعزوه لصاحب الكتاب.
(٦) أخرجه الطبري ١٤/ ٢٩ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومجاهد، وقتادة.


الصفحة التالية
Icon