وقرئ: بكسر النون مخففًا (١)، على حذف إحدى النونين، وهي الثانية تخفيفًا. وبكسرها مشددًا (٢)، على إدغام نون الرفع في نون العماد، وحذفت ياء النفس فيهما اجتزاء بالكسرة عنها، والأصل (تُبَشِّرُونَنِي)، وقيل: بل المحذوفة هي نون الرفع، لأنها لو بقيت لكسرت، ونون الإعراب لا تكسر. والوجه هو الأول وهو أن المحذوفة هي الثانية، لأن التكرير بها وقع، وقد حذفوا النون في كلامهم كثيرًا لأنها زائدة، وأما الأولى وإن كانت زائدة فلا تحذف لغير جازم ولا ناصب لأنها علم الرفع. والباء في قوله: ﴿فَبِمَ﴾ متعلقة بـ ﴿تُبَشِّرُونَ﴾.
﴿قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (٥٥) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٥٦) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ﴾ الجمهور على إثبات الألف فيه على الأصل، وقرئ: (مِنَ القَنِطِينَ) بحذفها (٣)، وفيه وجهان - أحدهما: مقصور من ﴿الْقَانِطِينَ﴾ (٤). والثاني: هو من قَنِطَ يَقْنَطُ، بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، وقراءة الجمهور من قنط يقنط، بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر (٥).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ﴾ (مَنْ) رَفْعٌ بالابتداء، وهو استفهام بمعنى النفي، بدليل مجيء ﴿إِلَّا﴾ بعده. و ﴿الضَّالُّونَ﴾ بدل من المستكن في

(١) قرأها نافع وحده.
(٢) قرأها ابن كثير وحده. انظر هذه القراءات في السبعة / ٣٦٧/. والحجة ٥/ ٤٥. والمبسوط / ٢٦٠/. والتذكرة ٢/ ٣٩٦.
(٣) قرأها يحيى بن وثاب، والأعمش، وطلحة، ورويت عن أبي عمرو. انظر إعراب النحاس ٢/ ١٩٨. والمحتسب ٢/ ٤. والمحرر الوجيز ١٠/ ١٣٧.
(٤) يعني أن الألف محذوفة تخفيفًا.
(٥) انظر المحتسب الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon