﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿عِضِينَ﴾ مفعول ثان، أي: أجزاءٌ، فقالوا: سحْر، وقالوا: شعْر، وقالوا: مفترى، وقالوا: أساطير الأولين، وهو جمع عضة، ولامها محذوفة، وأصلها: عِضْوةٌ، فِعْلَةٌ من عَضوْتُ الشيء، إذا فرقته فرقًا، وكل فرقة عضةٌ، على معنى: أنهم فرقوا القول في القرآن (١).
وقيل: هي فِعْلَةٌ من عَضَهَهُ عَضْهًا، إذا رماه بالبهتان، وقد اعْضَهْتَ، أي: جئت بالبهتان (٢).
وعن عكرمة: العَضَهُ السِّحْرُ بلغة قريش، يقولون: للساحر: عاضهة (٣).
وعن الكِسائِي: العِضة: الكذب والبهتان (٤). وأصلها: عِضَهَةٌ. وجمعها على الأول: عِضَواتٌ، وتصغيرها عُضَيْوَةٌ، وعلى الثاني: عِضَاةٌ، وتصغيرها: عُضَيْهَةٌ، كَشفةٍ وشفاهٍ وشفيهةٍ، وأما جمعها بالواو والنون فللعوض من المحذوف وهو الواو أو الهاء، والمعنى على هذا: جعلوا القرآن أكاذيب وأباطيل.
﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ في (ما) وجهان:
(٢) كونه من العضة: هو قول الكسائي. انظر إعراب النحاس الموضع السابق. والصحاح (عضه).
(٣) حكاه الزمخشري ٢/ ٣٢٠ عن عكرمة، وذكره الجوهري (عضه) دون نسبة، والكلمة الأخيرة عنده (عاضِهٌ) بهاء واحدة.
(٤) تقدم تخريجه.