وقوله: ﴿أَنْ أَنْذِرُوا﴾ في ﴿أَنْ﴾ وجهان:
أحدهما: في موضع جر على البدل من الروح، أي: ينزلهم بأن أنذروا، أو في موضع نصْب لعدم الجار وهو الباء، أو جر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع (١). فعلى هذين التقديرين لا يكون بدلًا من الروح.
والثاني: أن تكون مفسرة بمعنى (أي)، لأن إنزال الملائكة بالوحي فيه معنى القول، فلا محل لها على هذا.
وقوله: ﴿أَنَّهُ﴾ الضمير ضمير الأمر والشأن.
وقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ مفسرة له، ومحل ﴿أَنَّهُ﴾ وما بعده النصب بأنذروا، أي: أعلموهم بأن الأمر ذلك. من نَذِرْتُ بالشيء بالكسر، إذا علمته، ثم رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال: ﴿فَاتَّقُونِ﴾ أي: فخافون.
﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالْأَنْعَامَ﴾ انتصابه بمضمر دل عليه ﴿خَلَقَهَا﴾ أي: وخلق الأنعام، فحذف الفعل، ثم فسّر بقوله: ﴿خَلَقَهَا﴾. وقد، جُوِّز أن يكون عطفًا على ﴿الْإِنْسَانَ﴾ (٢)، أي: خلق الإنسان والأنعام، وهو من التعسف.
ويجوز في الكلام رفعه (٣) على الابتداء. والنصب هو المختار، لأن قبله فعلًا وهو خلق، والتشاكل في كلام القوم مطلوب.
وقوله: ﴿لَكُمْ﴾ يحتمل أن يكون: من صلة ﴿خَلَقَهَا﴾ ثم ابتدأ
(٢) جوزه الزمخشري ٢/ ٣٢١. وابن عطية ١٠/ ١٦١.
(٣) كذا جوزه النحاس ٢/ ٢٠٦. وعدها العكبري ٢/ ٧٨٩. وأبو حيان ٥/ ٤٧٥ قراءة شاذة.