والتقرين (١): جمع شيء [إلى شيء] في قَرَنٍ وهو الحبل، هذا أصله عند أهل اللغة (٢). و ﴿مَكَانًا﴾ ظرف لـ ﴿أُلْقُوا﴾، و ﴿مِنْهَا﴾ يجوز أن يكون حالًا منه لتقدمه، وأن يكون من صلة ﴿أُلْقُوا﴾.
وقوله: ﴿دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ (ثبورًا) يحتمل أن يكون مفعولًا به، أي: نادوا في ذلك [المكان، أو في ذلك] الزمان: واثبوراه، أي: واهلاكاه، والثبور: الهلاك، ومعنى دعائهم له كقولهم: يا عجبًا، ويا حسرة، أي: أَقْبِلْ وتعالَ يا ثبورُ فهذا حينك ووقتك، وأن يكون مصدرًا مؤكدًا على معنى: قالوا هنالك ثبورًا، أي: ثبرنا ثبورًا، لأن الدعاء نوع من القول، ثم حذف الفعل لدلالة المصدر عليه.
﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ اختلف في الإشارة في ﴿أَذَلِكَ﴾ فقيل: إلى ما ذكروه من الكنز والجنة في الدنيا، وقيل: إلى السعير التي أعدت للكافرين (٣)، ولا خير في السعير ولكن هذا وشبهه كقولك لمن ترك فسادًا وأقبل على الصلاح: أليس هذا خيرًا مما كنت فيه؟ على وجه الإبانة للتفاوت بينهما، لا لأن في الفساد خيرًا، ولا تقول مبتدئًا: الفساد خير أم الصلاح؟ (٤) والراجع إلى الموصول محذوف
(٢) انظر تهذيب اللغة والصحاح (قرن).
(٣) الجمهور على هذا، وانظر القول الأول في مشكل مكي ٢/ ١٣٠. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٢.
(٤) أجاز سيبويه ٣/ ١٧٣ "آلسعادة أحب إليك أم الشقاء" في مجال التعليم والتنبيه. وأنظر مشكل مكي ١٣٠ - ١٣١.