ليس بظرف، وإذا كان ليس بظرف يكون (كيف) ظرفًا. قيل: فإن قلت: فإنه بمعنى قولك: على أي حال وقع؟ فالجواب: أن هذا يستفاد من قولك: أحسنًا وقع عاقبة أمرهم سيئًا؟ ألا ترى أنك تقول: على أي هاتين الحالتين وقع عاقبة أمرهم؟ فإن كان ذلك يوجب أن يكون (كيف) ظرفًا حتى يقال: أنه متعلق بمحذوف، كما أنك إذا قلت: في الدار حدث الأمر، فجعلته في موضع الحال كان كذلك، فينبغي أن يجب مثله في قولك: أحسنًا وقع عاقبة أمرهم أم سيئًا، وذلك لا يقوله ذو لب وعقل، فاعرفه فإنه موضع لطيف.
و﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾ في بالفتح على ما ذكر آنفًا ما عدا أن يكون في موضع نصب لكونه خبرًا. ويجوز في الكلام إذا جعلت ﴿كَانَ﴾ المفتقرة إلى الخبر أن تنصب العاقبة وتجعل خبرها، و ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾ اسمها، ولا ينبغي لأحد أن يقرأ به لأن القراءة سنة متبعة.
وقوله: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ﴾ ابتداء وخبر، (خَاويَةً) نصب على الحال من البيوت، والعامل فيها ما في (تلك) من معنى الفعل، وعن عيسى بن عمر (١) (خاويةٌ) بالرفع (٢)، وفيه أوجه ذكرتهن في "هود" عند قوله جل ذكره: (وهذا بعلي شيخ) في قول من رفعه (٣).
{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧)

(١) هو عيسى بن عمر الثقفي.
(٢) انظر قراءته في الزمخشري ٣/ ١٤٧. والقرطبي ١٣/ ٢١٨. والبحر ٧/ ٨٦. وحكاها ابن خالويه/ ١١٠/ عن أبي معاذ.
(٣) انظر إعرابه للآية (٧٢) منها.


الصفحة التالية
Icon