لمصدر محذوف، أي: تذكرون] تذكرًا قليلًا، فحذف الموصوف للعلم به، والمراد بالقلة هنا الانتفاء، والقلة في كلام القوم تستعمل في معنى النفي (١).
وقوله: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (من) موصول في موضع رفع بـ ﴿يَعْلَمُ﴾ على الفاعلية، و ﴿الْغَيْبَ﴾ مفعول به، و ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾ بدل مِنْ ﴿مَنْ﴾، أي: لا يعلم أحد الغيب إلا الله. ويجوز في الكلام نصبه على الاستثناء كقولك: ما جاءني أحد إلا زيد على البدل، وإلا زيدًا على الاستثناء، والمعنى: لا يعلم من في السماوات من الملائكة ومن في الأرض من الخلائق الغَيْبَ - وهو ما استأثر الله سبحانه بعلمه مما هو غائب - إلا الله.
وقد ذكر ﴿أَيَّانَ﴾ فيما سلف من الكتاب (٢).
﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (٦٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ فيه قراءاتٌ:
أحدها: (بَلْ أَدْرَكَ) بسكون اللام وقطع الهمزة وإسكان الدال من غير ألف بعدها مثل (أَفْعَلَ) (٣)، على معنى بلغ ولحق، كقولهم: أَدْرَكَ علمي هذا، أي: بلغه، وفلان أَدْرَكَ القوم، أي: لحقهم، والمعنى: أنهم لم يدركوا علم الآخرة، أي: لَمْ يعلموا حدوثها وكونها، قاله أبو علي (٤). ودل على ذلك ما بعده من الإضراب. وقوله جل ذكره: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾ يعني: في الدنيا، ﴿بَلْ هُمْ... مِنْهَا﴾، أي: من علمها يقينا
(٢) انظر إعرابه للآية (١٨٧) من الأعراف.
(٣) قرأها أبو جعفر، وأبو عمرو، وابن كثير، ويعقوب. انظر السبعة / ٤٨٥/. والحجة ٥/ ٤٠٠. والمبسوط / ٣٣٤/. والتذكرة ٢/ ٤٧٧.
(٤) الحجة الموضع السابق.