قوله عز وجل: ﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا﴾ (وآباؤنا) عطف على المضمر في ﴿كُنَّا﴾، وجاز ذلك من غير تأكيد للفصل بينه وبين المعطوف. وقد جوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف، أي: وآباؤنا كذلك، وهو من التعسف.
﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (٧٠) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٧٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ (ما) مصدرية، أي: من مكرهم، ولك أن تجعلها موصولة.
وقوله: ﴿عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ﴾ (أن يكون) في موضوع رفع بـ ﴿عَسَى﴾، وفى (كان) إضمار الشأن والحديث، و ﴿بَعْضُ﴾ مرفوع ب ﴿رَدِفَ﴾، وفي اللام في ﴿لَكُمْ﴾ وجهان:
أحدهما: صلة كالباء في ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ﴾ (١). وفي ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ (٢).
والثاني للتعدية، على تضمين ﴿رَدِفَ﴾ معنى دنا، وأزف. والجمهور على كسر دال ﴿رَدِفَ﴾ بوزن تَبِعَ، وقرئ: بفتحها بوزن ذَهَبَ (٣)، وهما لغتان بمعنى. قال أبو الفتح: والكسر أفصح، وهو أكثر اللغة (٤).
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٤) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ

(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٥.
(٢) سورة العلق، الآية: ١٤.
(٣) قرأها الأعرج كما في المحتسب ٢/ ١٤٣. والكشاف ٣/ ١٥١. والمحرر الوجيز ١٢/ ٢٩.
(٤) المحتسب الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon