وجه المؤمن بالبياض، وتسم وجه الكافر بالسواد.
والثاني: تجرحهم بأكلها إياهم. وقد جوز أبو الفتح وغيره أن تكون (تكلمهم) من الكلم أيضًا على معنى التكثير، بمعنى تجرحهم إما بالوسم أو بأكلها إياهم على ما فسر وذكر آنفًا.
فأما قول من قال: إن قوله: ﴿تُكَلِّمُهُمْ﴾ على قراءة الجمهور من التَّكْلِيم مستدلًا بقراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - (تكلمهم بأن الناس) بزيادة الباء (١)، فليس بمتين، لأن ذلك يحتمل التَّكْلِيم والكلم، على معنى: تفعل ذلك بهم بسبب كفرهم وعنادهم وزوال علمهم ويقينهم.
وقرئ: (إن الناس) بكسر الهمزة (٢)، إما على الاستئناف، أو على إضمار القول، أي: تكلمهم وتقول لهم ذلك، أو لأن الكلام بمنزلة القول، فكأن القول قد ظهر، أو هي حكاية لقول الدابة أو لقوله الله جل ذكره. وقرئ: بفتحها (٣)، على معنى تكلمهم بأن الناس أو لأنَّ الناس.
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ﴾ أي: واذكر ذلك اليوم، ومثله ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ﴾.
وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ﴾ (مِنْ) يجوز أن يكون للتبعيض، وأن يكون

(١) انظر قراءته - رضي الله عنه - في معاني الفراء ٢/ ٣٠٠. ومختصر الشواذ / ١١٠/. والمحتسب ٢/ ١٤٥.
(٢) هذه قراءة أبي جعفر، ونافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبي عمرو كما سوف أخرج.
(٣) هذه قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف. انظر القراءتين في السبعة / ٤٨٧/. والحجة ٥/ ٤٠٦. والمبسوط / ٣٣٥/. والتذكرة ٢/ ٤٧٨/.


الصفحة التالية
Icon