لابتداء الغاية. ﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ﴾ للتبيين، ومحله النصب على الصفة لفوج.
وقوله: ﴿وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾ محل الجملة النصب على الحال، كأنه قيل: أكذبتم بها جاهلين؟ ويجوز أن يكون عطفًا على ﴿أَكَذَّبْتُمْ﴾ على معنى: أكذبتم بآياتي، أو لم تحيطوا بها، ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي: أكذبتهم وقد أحطتم بها علمًا؟ لأن هذه الهمزة إذا دخلت على النفي نقلته إلى الإيجاب، ولو لَمْ تقدر الألف في ﴿وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾ لكان ذلك عذرًا لهم أنهم إنما كذبوا لما لم يحيطوا بعلمها، و ﴿عِلْمًا﴾ منصوب على المصدر حملًا على المعنى، لأن الإحاطة بمعنى العلم، كأنه قيل: ولم تعلموها علما، وأما إتيان الباء في ﴿بِهَا﴾ فعلى اللفظ دون المعنى.
﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَفَزِعَ﴾ لفظه ماض ومعناه الآتي. قيل: وإنما عدل عنه إعلامًا بتحقيق الفزع وثبوته، وأنه كائن لا محالة واقع على أهل السموات والأرض، لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعًا به (١).
وقوله: (وَكُلٌّ آتُوْهُ دَاخِريِنَ) قرئ بالمد وضم التاء (٢)، على أنه اسم الفاعل من الإتيان، أي: فاعلوه، وأصله: آتيوه، استثقلت الضمة على الياء فأزيلت بأن حذفت حذفًا، أو نقلت إلى التاء بعد أن حذفت حركتها، لأنها لا تتحرك بحركة وهي متحركة بأخري، فاجتمع ساكنان الياء والواو، فحذف الياء لالتقاء الساكنين، وضمت التاء لتصح الواو التي للجمع، إذ ليس في كلام القوم واو ساكنة قبلها كسرة، أو بقيت حركتها تدل عليها، هذا إن قلنا: نقلت حركتها إلى التاء وحذفت النون للإضافة.
(٢) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.