حين سمعت بوقوعه في يد عدو الله طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع والدهش (١).
وقرئ: (فَزِعًا) بالفاء والزاي من غير ألف بينهما (٢)، أي: قلقًا يكاد يخرج من غلافه فينكشف، كقوله: ﴿إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ (٣) أي: كشف عنها.
وقرئ أيضًا (قرعًا) بالقاف والراء من غير ألف بينهما والعين مهملة (٤)، أي: خاليًا، من قولهم: أعوذ بالله من صَفَرِ الإناء، وقَرَعِ الفِناءِ (٥). يقال: قَرِعَ الفِناء يقرع قَرَعًا، إذا خلا من الغاشية، ومنه الأقرع، وسمي بذلك لخلو رأسه من الشعر.
وقرئ أيضًا: (فِرْغًا) بكسر الفاء وسكون الراء (٦)، من قولهم: ذهب دمه فَرْغًا وَفِرْغًا، أي: هدرًا لم يطلب به (٧)، والمعنى: بطل قلبها وذهب، وبقيت لا قلب لها من شدة ما ورد عليها.
وقوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ (إنْ) مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بين (إنْ) النافية وبينها، والتقدير: إن الأمر أو الشأن. والضمير في ﴿بِهِ﴾ لموسى - عليه السلام -، أي: بأمره وقصته وأنه ابنها (٨).

(١) الكشاف ٣/ ١٥٨. وعزاه القرطبي ١٣/ ٥٥ إلى الإمام مالك. وهو معنى قول الكسائي. انظر معاني النحاس ٥/ ١٦٠.
(٢) هذه قراءة فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - وآخرون. انظر معاني الفراء ٢/ ٣٠٣. وإعراب النحاس ٢/ ٥٤٤. ومختصر الشواذ / ١١١/. والمحتسب ٢/ ١٤٧. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٤٧.
(٣) سورة سبأ، الآية: ٢٣.
(٤) نسبت إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -. انظر المحتسب ٢/ ١٤٨. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٤٧. والقرطبي ١٣/ ٢٥٥.
(٥) انظر الصحاح (قرع).
(٦) حكاها قطرب عن بعض أصحاب النبي - ﷺ -. انظر مصادر القراءة السابقة.
(٧) الصحاح (فرغ).
(٨) وقال بعضهم: الهاء عائدة إلى الوحي. انظر القولين في معالم التنزيل ٣/ ٤٣٧.


الصفحة التالية
Icon