وقوله: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا﴾ (أنْ) وما اتصل بها في موضع رفع بالابتداء وخبره محذوف. وكذلك جواب ﴿لَوْلَا﴾، والتقدير: لولا أن ربطنا على قلبها بإلهام الصبر لأبدت به.
﴿لِتَكُونَ﴾: من صلة ﴿رَبَطْنَا﴾، أي: لتكون من المصدقين بوعد الله برد ولدها إليها، فيكون ذلك داعيًا لها إلى الصبر.
﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قُصِّيهِ﴾ أي: اتبعي أثره، يقال: قَصَّ أثره يقصه قصصًا، إذا تتبعه.
وقوله: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ أي: علمت به، أي بمكانه، يقال بَصرَ بالشيء يَبْصُرُ بالضم فيهما بَصَارَةً، إذا علمه. وقيل: أبصرته، يقال: بصرت بالشيء، أي أبصرته. والمشهور في اللغة ما ذكرت قبلُ (١).
وقوله: ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ في موضع نصب على الحال إما من الضمير في ﴿بِهِ﴾، أي: بعيدًا، وهو مصدر قولك: جَنَبْتُ فلانًا وجانبته، إذا باعدته، وإما من المنوي في ﴿فَبَصُرَتْ﴾، أي: مجانبة، بشهادة ما ورد في التفسير أنها كانت تمشي على الشط فرأت آل فرعون قد التقطوه (٢)، وقراءة من قرأ: (عَنْ جَنْبٍ) بفتح الجيم وإسكان النون، وهو النعمان بن سالم (٣)، وقراءة من قرأ: (عن جانب) وهم قتادة والحسن والأعرج (٤)، والجنب والجانب: الناحية، وأنشد أبو الحسن:
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٠٣. والنكت والعيون ٤/ ٢٣٩. وجامع القرطبي ١٣/ ٢٥٧.
(٣) الطائفي، تابعي روى عن عدة من الصحابة، وقراءته هي التالية لهذه، ويظهر أن المؤلف - والله أعلم - سبقه قلمه فعكس القراءتين. انظر مختصر الشواذ / ١١٢/. والمحتسب ٢/ ١٤٩. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٤٨. وزاد المسير ٦/ ٢٠٦. والقرطبي ١٣/ ٢٥٧. والبحر ٧/ ١٠٧.
(٤) انظر التخريج السابق.