قوله عز وجل: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ أبو علي: الضم في قوله: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ ليس المراد به الضم المزيل للفرجة والخصاصة بين الشيئين، وإنما المراد به تجلده وضبطه نفسه، وتشدده عند انقلاب العصا حية، حتى لا يضطرب ولا يرهب، وكذلك قول الشاعر:

٤٩٣ - اُشْدُدْ حَيَازِيمَكَ للموتِ فَإِنَّ الموتَ لَاقِيكَا (١)
ليس يريد به الشد الذي هو الربط والضم، وإنما يريد: تَأَهَّبْ له، واستعدَّ للقائه، حتى لا تهاب ولا تجزع لوقوعه، فيكون بحسب (٢) الاستعداد له كمن قيل فيه: حبيب جاء على فاقة (٣).
أبو عبيدة: جناحا الرجل يداه (٤)، لأن يدي الشخص بمنزلة جناحي الطائر.
وقرئ: (من الرَّهَب) بفتحتين، وبفتح وسكون، وضم وسكون، وهذه قراءات الجمهور (٥).
وقرئ: أيضًا بضمتين (٦) وهي لغات بمعنى، وهو الخوف.
(١) ينسب لسيدنا علي - رضي الله عنه -، انظره في الكامل ٣/ ١١٢١. والحجة للقراء السبعة ٥/ ٤١٦. وشرح الحماسة للمرزوقي ١/ ٣٣١. وزاد المسير ٦/ ٢٢٠. وقال المبرد: والشعر إنما يصح بأن تحذف (اشدد) ولكن الفصحاء من العرب يزيدون ما عليه المعنى، ولا يعتدون به في الوزن.
(٢) في الحجة كما سوف أخرج: (بحسن).
(٣) انظر قول أبي علي مع المثل في الحجة ٥/ ٤١٥ - ٤١٦.
(٤) كذا حكاه أبو علي في الموضع السابق عن أبي عبيدة، وانظر مجاز القرآن ٢/ ١٠٤.
(٥) قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب: (من الرَّهَب) بفتح الراء والهاء. وقرأ حفص عن عاصم: (من الرَّهْب) بفتح الراء وسكون الهاء. وقرأ الباقون: (من الرُّهْب) بضم الراء وسكون الهاء. انظر السبعة /٤٩٣/. والحجة ٥/ ٤١٤. والمبسوط / ٣٤٠/. والتذكرة ٢/ ٤٨٤.
(٦) قرأها الجحدري، وعيسى بن عمر. انظر إعراب النحاس ٢/ ٥٥٢. ومختصر الشواذ / ١١٢/. والمحرر الوجيز ١٢/ ١٦٦. ونسبها في زاد المسير ٦/ ٢٢٠ إلى أبي بن كعب - رضي الله عنه -، والحسن، وقتادة.


الصفحة التالية
Icon