أرسلته معي صدقني. وقيل: بل أسكن القاف تخفيفًا لكثرة الحركات (١)، والوجه هو الأول. وبالرفع (٢)، على أنه صفة لقوله: ﴿رِدْءًا﴾، أي: ردءًا مصدقًا لي، ووجه تصديق هارون لموسى - عليه السلام - إظهاره البرهان الدال على صدق موسى، أو على أنه حال من المنوي في، ﴿رِدْءًا﴾، أو من الضمير المنصوب في ﴿فَأَرْسِلْهُ﴾، فيكون حالًا بعد حال.
﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ﴾ الجمهور على فتح العين وضم الضاد، وقرئ: (عُضْدك) بضم العين وإسكان الضاد (٣). وقال أبو الفتح: فيها خمس لغات: عَضُدْ، وعَضْد، وعُضُد، وعُضْد، وعَضِدْ، وأفصحها وأعلاها عَضُد بوزن رَجُل، وعَضْد مسكن من عَضُد، وعُضْد منقول الضمة من الضاد إلى العين، وعُضُد بالضمتين جميعًا كأنه تثقيل عُضْد، انتهى كلامه (٤).
وقوله: ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا﴾ فيما يتعلق به ﴿بِآيَاتِنَا﴾ أوجه:
أحدها: من صلة قوله: ﴿فَلَا يَصِلُونَ﴾ أي: فلا يصلون إليكما بسبب آياتنا، أي: تمتنعان منهم بآياتنا.
والثاني: من صلة (سلطان) على معنى: غلبتُكما وتسلطُكما بآياتنا.
والثالث: من صلة قوله: ﴿وَنَجْعَلُ﴾، أي: ونجعل لكما بآياتنا
(٢) هي قراءة عاصم، وحمزة. انظرها مع قراءة الباقين في السبعة / ٤٩٤/. والحجة ٥/ ٤٢١. والمبسوط / ٣٤٠/.
(٣) بهذا الضبط رويت عن الحسن كما في البحر ٧/ ١١٨. والدر المصون ٨/ ٦٧٨. وحكاها أبو الفتح ٢/ ١٥٢ دون ضبط. ولم يذكر ابن عطية ١٢/ ١٦٧ إلا ضم العين.
(٤) المحتسب الموضع السابق.