لهم، واختار هذا الوجه أبو علي قال: وليس بالحسن أن تجعل (يستطيعون) للمتخذين الشركاء على الانصراف من الخطاب إلى الغيبة، لأن قبله خطابًا وبعده خطابًا، وذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ﴾ (١).
وقرئ: بالتاء النقط من فوقه (٢)، والخطاب للعابدين، أي: فما تستطيعون أن تصرفوا عن أنفسكم العذاب ولا تنصروها، وسياق الكلام يشهد لها.
وقوله: ﴿إِلَّا إِنَّهُمْ﴾ كسرت (إنَّ) لأجل دخول اللام في خبرها، قال أبو جعفر: ولو لم تدخل اللام لكانت مكسورة أيضًا لأنها مستأنفة (٣). وقيل: بل لكون الجملة في موضع الحال، إذ المعنى: إلا وهم يأكلون (٤). فإن قلت: أين ذو الحال؟ قلت: محذوف تقديره: وما أرسلنا قبلك أحدًا من المرسلين، ثم حذف الموصوف اكتفاء بالصفة وهي من المرسلين. فإن قلت: قد شرطت النحاة أن يكون ذو الحال معرفة، وما ذكرتَه نكرة، قلت: هو قريب من المعرفة لكونه قد خُصَّ بالصفة. ولك أن تجعل الجملة صفة لأحدٍ المقدر المذكور، أي: إلا آكلين وماشين.
وعن محمد بن يزيد: أنه جوز فتحها مع اللام (٥)، قال بعض أهل العلم: وأحسبه وهمًا (٦).
{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢)

(١) انظر قول أبي علي في حجته ٥/ ٣٤٠.
(٢) قرأها حفص عن عاصم وحده. وانظر القراءتين في مصادر قراءة (تقولون) المواضع نفسها.
(٣) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ٢/ ٤٦٢.
(٤) انظر هذا القول في التبيان ٢/ ٩٨٣ أيضًا.
(٥) بل هي قراءة حكاها أبو البقاء ٢/ ٩٨٣. وأبو حيان ٦/ ٤٩٠ دون نسبة. ونسبها ابن هشام في المغني / ٣٠٧/ إلى سعيد بن جبير.
(٦) القول لأبي جعفر النحاس. وانظره مع قول محمد بن يزيد المبرد في إعراب النحاس ٢/ ٤٦٢.


الصفحة التالية
Icon