﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ الجمهور على فتح الياء واللام في الفعلين من العلم. قال أبو إسحاق: والله عز وجل قد علم الصادق من الكاذب قبل أن يخلقهما، ولكنَّ القَصْدَ قَصْدُ وقوع العلم بما يجازي عليه (١).
وقرئ: بضم الياء وكسر اللام (٢)، من الإعلام، على معنى: فَلَيُعَرِّفَنَّ اللهُ الناسَ مَنِ الذين صدقوا ومن الكاذبون؟ فحذف المفعول الأول، وإن شئت كان على حذف المفعول الثاني لا الأول، على معنى: فليُعْلِمن اللهُ الصادقين ثواب صدقهم، والكاذبين عقاب كذبهم، أو على معنى: فليجعلن الله لهم علامة يُعْرَفون بها من بياض الوجوه وسوادها وغيرهما من العلائم، من قولهم: ثوب معلم. وقولهم: فارس مُعْلِمٌ، إذا عَلَّمَ نفسه في الحرب بثوب أو غيره يعرف به، فهذا يرجع في المعنى إلى المعنى الأول، إلا أنه ليس على تقدير حذف المفعول، فاعرفه فإنه من كلام أبي الفتح - رحمه الله - (٣).
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٧)﴾:
(٢) رويت عن علي - رضي الله عنه -. انظر مختصر الشواذ / ١١٤/ والمحتسب ٢/ ١٥٩. والكشاف ٣/ ١٨٣. والمحرر الوجيز ١٢/ ٢٠١. وزاد المسير ٦/ ٢٥٥.
(٣) المحتسب ٢/ ١٦٠.