أن يكون متعلقًا بمحذوف على أن يكون حالًا من الذكر الذي في الظرف وهو (بينكم)، وهو العامل في الحال، أعني: الظرف، وفيه ذكر يعود إلى ذي الحال، أعني ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
وأن يكون متعلقًا بعين ﴿مَّوَدَّةَ﴾، وذلك أنك إذا جعلت (بينكم) ظرفًا للمودة، جاز أن يكون ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ متعلقًا به أيضًا وظرفًا له، أعني للمصدر الذي هو المودة لاختلاف الظرفين، وذلك أن (بينكم) ظرف مكان، و ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ظرف زمان، إذ المعنى: في وقت الحياة الدنيا، وإنما يمتنع أن يتعلق بعامل واحد ظرفان متفقان، إما ظرفا زمان، أو ظرفا مكان، فأما إذا اختلفا فغير ممتنع، ولا ذكر في واحد من الظرفين، إذ لم يقم واحد منهما مقام محذوف فعل أو اسم فاعل، كما أنك إذا قلت: صادفت زيدًا اليوم في السوق، كان كذلك.
وأن يكون صفة ثانية للمودة إذا نونتها وجعلت (بينكم) صفة أيضًا لها، فيكون في كل واحد من الظرفين ذكر يعود إلى الموصوف الذي هو المودة.
ولا يجوز أن تعلق ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ بالمصدر الذي هو المودة بعد أن وصفته بالظرف الذي هو (بينكم)، لأنك كنت تفصل بين المصدر (١) ومعموله بالصفة، وذلك غير جائز، ألا ترى أنك لو قلت: مررت بالضارب الظريف زيدًا، لم يجز حتى تقول: مررت بالضارب زيدًا الظريف؛ لأنه لا يجوز أن يوصف الاسم الموصول وقد بقيت منه بقية، لأن المعمول (٢) فيه داخل في الصلة [والصفة غير داخلة في الصلة] فتقع فيه التفرقة بين الصلة والموصول. وقد أجاز الشيخ أبو علي ذلك وقال: لا يمتنع ذلك، لأنك إذا وصفته فمعنى الفعل قائم فيه، والظرف يتعلق بمعنى الفعل، وإنما الذي يمتنع
(٢) في (أ) و (ب): المفعول.