في قوله: ﴿مَنْ أَرْسَلْنَا﴾ مبتدأ والجار قبله الخبر، وكذا ما عطف عليه، وهي نكرة موصوفة، وكذا ما عطف عليها. وحذف الراجع من قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا﴾ لدلالة ما ذكر من الرواجع قبله فاعرفه.
و﴿الْعَنْكَبُوتِ﴾ يذكر ويؤنث، ويقع على الواحد والجمع، والنون فيه أصل، وتاؤه مزيدة بدليل قولهم في تكسيره: عناكب، وفي تصغيره: عنيكب.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ في (ما) وجهان:
أحدهما: استفهامية في موضع نصب بـ ﴿يَدْعُونَ﴾ دون ﴿يَعْلَمُ﴾، لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وكفاك دليلًا قوله عز وجل: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ﴾ (١)، والجملة في موضع نصب بـ ﴿يَعْلَمُ﴾، والتقدير: إن الله يعلم أي شيء تدعون من دونه أوثانًا أم غيره.
قال أبو علي: ولا يكون ﴿يَعْلَمُ﴾ بمعنى يعرف، كقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ (٢)، لأن ذلك لا يُلغَى، وما لا يلغى لا يُعَلَّقُ (٣).
والثاني: موصولة في موضع نصب بيعلم وراجعها محذوف، أي: يعلم الذي يدعونه، ثم حذف لطول الاسم بالصلة، والوجه هو الأول بشهادة دخوله ﴿مِنْ﴾ في الكلام، وهي إنما تدخل في نحو قولك: هل مِن طعام؟ وهل مِن رجل؟ ولا تدخل في الإيجاب عند صاحب الكتاب وشيخه الخليل، وأجاز ذلك أبو الحسن (٤).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٦٥.
(٣) انظر قول أبي علي في حجته ٥/ ٤٣٤.
(٤) انظر الكتاب ١/ ٣٨. والحجة الموضع السابق.