بالابتداء، ويكون قوله: ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ في موضع التبيين له، ويكون قوله: ﴿لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾ في محل الجر على النعت للدابة، ويكون قوله: ﴿اللَّهُ يَرْزُقُهَا﴾ ابتداء وخبر، والجملة خبر المبتدأ الذي هو (كأَين)، وأنّث (كأَين) لقوله: ﴿يَرْزُقُهَا﴾ حملًا على المعنى. وأن يكون في موضع نصب بفعل يفسره ﴿يَرْزُقُهَا﴾ ويقدر بعد (كأَين).
وقوله: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ في الكلام حذف مضاف، إما من [المنوي] أوله، وإما من آخره، تقديره: وإن حياة الدار الآخرة لهي الحيوان، أو وإن الدار الآخرة لهي دار الحيوان، أو ذات الحيوان، فحذف المضاف، لأنه أخبر عنها جل ذكره بالحيوان وهي الحياة، والحياة لا تكون الدار، وهي مصدر كالغليان والنزوان، وإنما لم تقلب الواو ألفًا مع تحركها وانفتاح ما قبلها كراهة حذف إحدى الألفين لاجتماعهما. وفي لامه - وهي الواو - وجهان:
أحدهما: وهو مذهب صاحب الكتاب وشيخه الخليل: أنه بدل من الياء، والأصل: الحييان، فقلبت التي هي لام واوًا ليختلف الحرفان كراهة اجتماع المثلين، كقولهم: حَيْوَة، في اسم رجل.
والثاني: هو مذهب المازني، أن الواو فيه أصل غير مبدلة وإن لم يكن منه فعل، وشبه بقولهم: فاظ الميت يفيظ فيظا وفوظا. لا يستعملون من فوظ فعلًا، لا يقولون: فاظ يفوظ، فالحيوان عنده أيضًا مصدر ولم يشتق منه فعل، ونظيره عنده: ويل، وويس، وويح، في كونهن مصادر ليس لهن فعل، كراهة أن يكثر في كلامهم ما يستثقلون، ولاستغنائهم بالشيء عن الشيء حتى يكون المستغنى عنه مسقطًا، فكذلك استغنوا عن استعمال الفعل من لفظ الحيوان باستعمال الفعل في حييت مما لامه ياء كعينه.
والوجه هو الأول وعليه جمهور أصحابنا، قال أبو الفتح: وإنما حمل الخليل ﴿الْحَيَوَانُ﴾ على أنه مضاعف الياء، وأن الواو فيه بدل من الياء، لأنه