الإنزال، وجاز ذلك وإن كان المصدر لفعّل، لأن نزّل وأنزل أخوان.
وقرئ أيضًا: (ونُزِّلُ الملائكةَ) مثل هذه القراءة غير أنه بنون واحدة وتشديد الزاي (١)، والأصل: وننزل، فحذفت النون الثانية التي هي فاء الفعل كراهة اجتماع المثلين في صدر الكلمة، وله نظائر في الكلام.
وقرئ أيضًا: (ونُزِلَ الملائكةُ) كقراءة الجمهور غير أنه بتخفيف الزاي (٢). قيل: وهذا غير معروف، لأن نَزَلَ لا يتعدى إلى مفعول به، فيُبنى هنا للملائكة، ومع ذلك وجهها أن يكون لغة كما جاء (زُكِمَ)، ولا يقال: زكمه الله. و (جُنَّ) ولا يقال: جنه الله، وإنما يقال: أزكمه الله وأجنه، فإن سمع فيه ذلك وإلا فالقياس فيه غير سائغ، ولا يتعدى (نزل) إلى مفعول به (٣).
قلت: ما ذكر شاذ ومحفوظ، والقياس عليه مردود ومرذول، ووجهه عندي أن يكون حذف أحد الحرفين النوابين (٤) كراهة التضعيف، والذي جَسّره على ذلك عدم اللبس، والقوم إذا أمنوا اللبسر في كلامهم تلاعبوا بألفاظهم، فاعرفه.
وقوله: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ (الملك) مبتدأ و ﴿الْحَقُّ﴾ نعت له، و ﴿لِلرَّحْمَنِ﴾ خبره، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ ظرف زمان، وهو من صلة المبتدأ أو من صلة الخبر، ولا يجوز أن يكون من صلة ﴿الْحَقُّ﴾، لأن ما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه. ولك أن تجعل الخبر ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ أو ﴿الْحَقُّ﴾، و ﴿لِلرَّحْمَنِ﴾ إما من صلة ﴿الْحَقُّ﴾ أو في موضع الحال، والفائدة منوطة
(٢) حكاها عبد الوهاب عن أبي عمرو. انظر المحتسب ٢/ ١٢١. والمحرر الوجيز ١٢/ ٢٠. وروح المعاني ١٩/ ١٠.
(٣) انظر هذا القول في المحتسب ٢/ ١٢١.
(٤) كذا في الأصل، وأظنها (المترادفين)، والله أعلم.