وعن الفراء: في الآية يحتمل أن يكون غَلَبَةً، فحذفت الهاء عند الإضافة (١). وأنشد:
٥٠٦ - إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فَانْجَرَدُوا | وَأَخْلُفوكَ عِدَ الأَمْرِ الذِي وَعَدُوا (٢) |
وقوله: ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ الجمهور على فتح الياء وكسر اللام على تسمية الفاعل، وقرئ: بضم الياء وفتح اللام على ترك تسميته (٣). فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ فالمصدر على قراءة الجمهور: مضاف إلى المفعول، والمعنى: أن الروم من بعد أن غُلبوا سيغلبون فارس في بضع سنين، وهو ما بين الثلاث إلى التسع، والبضع في العدد بكسر الباء، وبعض العرب يفتحها، كذا ذكره الجوهري (٤): وعلى قراءة غيرهم: مضاف إلى الفاعل، على معنى: أن الروم من بعد أن غَلبوا وصاروا غالبين سيُغلبون، فاعرفه. و ﴿فِي بِضْعِ﴾: من صلة قوله: ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ في كلتا القراءتين.
﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ أي: من قبلِ كل شيء، ومن بعدِ كل شيء، فحُذِفَ المضاف إليه، وبُنِيا على الضم لأنهما غايتان قد قُطعا عن الإضافة التي هي غايتهما، فصار كل واحد منهما في استحقاق البناء كبعض اسم، وبني على الحركة لأن له أصلًا في التمكن،
(١) معاني الفراء ٢/ ٣١٩. وحكاها عنه الجوهري (غلب).
(٢) تقدم تخريج هذا الشاهد برقم (٤٧٤).
(٣) نسبت إلى علي، وابن عمر - رضي الله عنهم -، ومعاوية بن قرة. انظر مختصر الشواذ / ١١٦/ والمحرر الوجيز/ ٢٤٢.
(٤) الصحاح (بضع).
(٢) تقدم تخريج هذا الشاهد برقم (٤٧٤).
(٣) نسبت إلى علي، وابن عمر - رضي الله عنهم -، ومعاوية بن قرة. انظر مختصر الشواذ / ١١٦/ والمحرر الوجيز/ ٢٤٢.
(٤) الصحاح (بضع).