وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (١٠) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١)}:
قوله عز وجل: ﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾ الجمهور على ترك المد بعد الهمزة، وهو الوجه والأصل، وعن ابن القعقاع: (وآثاروا) بألف بعد الهمزة (١)، كأنه أشبع فتحة الهمزة فتولدت عنها الألف، وقد ذكرت مذهب القوم في إشباع الحركات فيما سلف من الكتاب (٢).
وقوله: ﴿فَيَنْظُرُوا﴾ يجوز أن يكون مجزومًا عطفًا على ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا﴾ أي: أولم يسيروا ولم ينظروا، وأن يكون منصوبًا على جواب الاستفهام على معنى: أولم يكن سيرٌ فَنَظَرٌ. و ﴿قُوَّةً﴾: تمييز. و ﴿أَكْثَرَ﴾: نعت لمصدر محذوف دل عليه ﴿وَعَمَرُوهَا﴾. ﴿مَا﴾ مصدرية، أي: عمروها عمارة أكثر من عمارة مشركي مكة.
وقوله: (ثم كان عاقبةُ الذين) قرئ: برفع العاقبة (٣)، على أنها اسم ﴿كَانَ﴾، وفي خبرها ثلاثة أوجه:
أحدها: ﴿السُّوأَى﴾ وهي على هذا تأنيث الأسوأ، وهو الأفصح، كما أن الحسنى تأنيث الأحسن، أي: ثم كان عاقبة المسيئين السوءى، أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة، وهي جهنم التي أعدت للكافرين، و ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ في موضع نصب على المفعول له، أي: لأن كذبوا، أي: لأجل تكذيبهم، وهو من صلة ﴿السُّوأَى﴾ أعني: ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾. وقيل: هو بيان لقوله: ﴿أَسَاءُوا﴾، أي: هو أن كذبوا بآيات الله.

(١) انظر قراءة أبي جعفر بن القعقاع - رحمه الله - في المحتسب ٢/ ١٦٣. والمحرر الوجيز ١٢/ ٢٤٧.
(٢) انظر إعرابه للآية (٣١) من سورة يوسف.
(٣) قرأها أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، والأعشى.


الصفحة التالية
Icon