وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ نعت لمصدر محذوف، أي: نفصلها تفصيلًا مثل ذلك التفصيل.
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ﴾ انتصاب قوله: ﴿حَنِيفًا﴾ على الحال من المنوي في ﴿فَأَقِمْ﴾. وقيل: من الدين (١)، وهو من التعسف.
وأما انتصاب قوله: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ﴾ فعلى الإِغراء، أي: الزموا فطرة الله، أو: عليكم فطرة الله. وقيل: على المصدر، أي: فطركم الله فطرة (٢).
وقوله: ﴿مُنِيبِينَ﴾ نصب على الحال، وفي ذي الحال وجهان:
أحدهما: الضمير في الزموا المقدر المذكور آنفًا، كقوله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ (٣) أي: فصلوا رجالًا أو ركبانًا.
والثاني: المنوي في ﴿فَأَقِمْ﴾، لأنه في المعنى للجميع، بشهادة قوله:
(٢) قاله الإمام الطبري ٢١/ ٤٠. وإليه عزاه النحاس في الإعراب ٢/ ٥٨٨. وانظر مشكل مكي ٢/ ١٧٨. وهو لأبي عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٢٢ قبلهم.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٣٩.