والجمهور على ضم كاف قوله: ﴿فَتَكُنْ﴾ وهو الوجه، لأنه من الكون، وقرئ: (فَتَكِنْ) بكسر الكاف (١)، من قولهم: وَكَنَ الطائر يَكِنُ وَكُوْنًا، إذا استقر في وكنته، وهي عشه الذي يأوي إليه، قال:

٥١٣ - وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا ............. (٢)
قال أبو الفتح: وكأنه من مقلوب الكَون، لأن الوكون الاستقرار، وعليه قالوا: قد تَكَوَّنَ في منزله واسْتَقَرَّ (٣).
وقوله: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ﴾ قرئ: بتشديد العين من غير ألف، وبتخفيفها مع الألف (٤)، وهما لغتان بمعنى، يقال: صعَّر خَدَّه وصاعره، أي: أماله من الكِبر. قال أبو عبيدة: وأصل هذا من الصَّعَر، وهو داء يأخذ الإِبل في أعناقها ورؤوسها فيلوي أعناقها، فشبه به الرجل المتكبر على الناس (٥).
وقوله: ﴿مَرَحًا﴾ هو مصدر قولك: مرِح الرجل يمرَح - بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر - مرحًا، إذا بطر. ونَصْبُهُ يحتمل أوجهًا: أن يكون مصدرًا مؤكدًا من معنى الفعل، كأنه قيل: ولا تمرح مرحًا. وأن يكون في موضع الحال، أي: مَرِحًا أو ذا مرح. وأن يكون مفعولًا له، أي لأجل التجبر والتكبر.
وقوله: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ الجمهور على وصل الألف، من القصد
(١) نسبها ابن خالويه / ١١٧/ إلى قتادة، ونسبها ابن جني ٢/ ١٦٨ إلى عبد الكريم الجزري، وتابعه ابن عطية ١٣/ ١٧.
(٢) لامرئ القيس من معلقته المشهورة. وقد تقدم ذكره كاملًا وتخريجه برقم (٢٠٦).
(٣) المحتسب الموضع السابق.
(٤) قرأ أبو جعفر، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم، ويعقوب: (ولا تصعِّر) بغير ألف وتشديد العين. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف: (ولا تصاعر) بالألف وتخفيف العين. انظر السبعة / ٥١٣/. والحجة ٥/ ٤٥٥. والمبسوط / ٣٥٢/. والتذكرة ٢/ ٤٩٦.
(٥) مجاز القرآن ٢/ ١٢٧. وعنه أبو علي في الحجة الموضع السابق.


الصفحة التالية
Icon