وهو العدل، أي: اعدل فيه حتى يكون مشيًا بين مشيين، ولا تتكبر ولا تدب دبيبًا، وقرئ: (وأَقصد) بقطع الهمزة (١). قيل: من أَقْصَدَ الرامي، إذا سدد سهمه نحو الرمية، أي: سدد في مشيك، وأَقْصَدَ السهمُ أيضًا، إذا أصاب فقتل مكانه.
وقوله: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ المفعول على رأي صاحب الكتاب محذوف، و ﴿مِنْ صَوْتِكَ﴾ صفة له، أي: انقص شيئًا منه. وعلى مذهب أبي الحسن ﴿مِنْ صَوْتِكَ﴾ هو المفعول، و ﴿مِنْ﴾ صلة (٢).
وقوله: ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ إنما وحد الصوت ولم يجمع، لأنه مصدر يتضمن معنى الجنس والكثرة. والحمير جَمْعٌ كعبيد وكليب.
﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ﴾ الجمهور على السين وهو الأصل، وقرئ: (وأصبغ) بالصاد (٣)، قلبت السين صادًا لأجل الغين، كما قالوا: سالح في صالح، وفي سقر: صقر.
وقرئ: (نِعَمَهُ) بالجمع والإضافة (٤)، وانتصاب قوله: ﴿ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ على الحال، و (نِعَمَةً) بالإِفراد والتنوين (٥)، و ﴿ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ على الصفة، والمعنى واحد في القراءتين، ولا ترجيح لإحداهما على الأخرى، لأن نعمة وإن كانت مفردة في اللفظ فمعناها معنى الجمع، إذ المراد بها الجنس، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ (٦) لأن نعمة واحدة لا تحصى، وإنما الإِحصاء يكون في المتعدد.
(٢) انظر التبيان ٢/ ١٠٤٥.
(٣) قرأها ابن عباس - رضي الله عنهما -، ويحيى بن عمارة. انظر المحتسب ٢/ ١٦٨. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٠. والقرطبي ١٤/ ٧٣.
(٤) قرأها أبو جعفر، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم كما سوف أخرج.
(٥) قرأها الباقون من العشرة. انظر القراءتين في السبعة / ٥١٣/. والحجة ٥/ ٤٥٧. والمبسوط ٣٥٢ - ٣٥٣. والتذكرة ٢/ ٤٩٦.
(٦) سورة إبراهيم، الآية: ٣٤ وسورة النحل، الآية: ١٨.