كَثِيرًا (٣٨) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (٣٩) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (٤٠)}:
قوله عز وجل: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾ نصب بإضمار فعل دل عليه ما بعده، أي: وأغرقنا قوم نوح. وقيل: هو معطوف على المفعول في ﴿فَدَمَّرْنَاهُمْ﴾، والأول أحسن تعضده قراءة من قرأ: (فدمرانِّهم) على الأمر، وهو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وغيره (١).
وقوله: ﴿وَعَادًا﴾ إلى قوله: ﴿وَقُرُونًا﴾ عطف على ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ﴾ على معنى: وأهلكناهم. وقال أبو إسحاق: عطف على (هم) في ﴿جَعَلْنَاهُمْ﴾، أو على معنى الظالمين، لأن المعنى: ووعدنا الظالمين (٢).
وقوله: ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ﴾ منصوب بمضمر دل عليه معنى ﴿ضَرَبْنَا﴾، أي: وأنذرنا كُلًّا، أو حذرنا كُلًّا، أو وعظنا كُلًّا، لأن ضَرْبَ الأمثال إنذارٌ وتحذير ووعظ، وأما ﴿وَكُلًّا تَبَّرْنَا﴾ منصوب بـ ﴿تَبَّرْنَا﴾ ليس إلا، لأنه فارغ له عارٍ عن ضميره.
وقوله: ﴿أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ﴾ انتصاب قوله: ﴿مَطَرَ السَّوْءِ﴾ إما على المصدر على حذف الزوائد، أي: إمطار السوء، أو على أنه مفعول به ثان على تضمين الإِمطار معنى الإِيلاء أو الإِعطاء، كقوله: ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ (٣).
{وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
(٢) معاني الزجاج ٤/ ٦٨.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٤١.