شيئًا، ثم حذف لدلالة الثاني عليه، والمعنى: لا يقضي عنه شيئًا، وقيل: لا يغني (١).
وقوله: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ الجمهور على فتح غين الغَرور وهو الشيطان، وقيل: الأمل (٢). وقرئ بضمها (٣)، وهو مصدر غره، وهو بمعنى الاغترار، أي: لا يغرنكم بالله اغتراركم وتمادي السلامة بكم.
﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ قال بعض النحاة (٤): هذه الآية تدل على أن الظرف يشبه الفعل، لأنه قال: ﴿عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ فأتى بالظرف وما ارتفع به، ثم قال: ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ فعطف الفعل والفاعل على الظرف وما ارتفع به. وعكسه ﴿نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ (٥)، لأنه صَدَّر أولًا بالفعل والفاعل، ثم أتى بالظرف وما ارتفع به فعطفه عليه. قلت: والوجه أن يكون ارتفاع قوله: ﴿عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ بالابتداء، والظرف خبره، وإنما قدم للاهتمام به، والتقدير: عنده علم الساعة وأن ينزل الغيث، أي: وإنزال الغيث، فلما حذف (أن) ارتفع الفعل، كقوله: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ على أحد الأوجه (٦). وقوله:
(٢) كون (الغرور) بمعنى الشيطان: هو قول مجاهد، وقتادة، والضحاك كما في جامع البيان ٢١/ ٨٧. ومعاني النحاس ٥/ ٢٩٣. وكونه بمعنى الأمل: هو قول ابن جبير كما في النكت والعيون ٤/ ٣٤٩، قال: وهو تمني المغفرة في عمل المعصية.
(٣) قرأها سماك بن حرب، وأبو حيوة، وابن السميفع. انظر المحتسب ٢/ ١٧٢. والمحرر الوجيز ١٣/ ٢٧. والقرطبي ١٤/ ٨١.
(٤) كابن جني وغيره كما في التبيان ٢/ ١٠٤٦.
(٥) سورة المؤمنون، الآية: ٢١.
(٦) انظر إعرابه للآية (٨٣) من البقرة.